وفي خبر ابن فضال (١) قال : « قرأت في كتاب أبي الأسد إلى أبي الحسن الثاني عليهالسلام وقرأته بخطه سأله ما تفسير قوله تعالى (٢) : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكّامِ ) فكتب إليه بخطه : الحكام : القضاة ، قال : ثم كتب تحته : هو أن يعلم الرجل أنه ظالم فيحكم له القاضي ، فهو غير معذور في أخذ ذلك الذي حكم به إذا كان قد علم أنه ظالم » بل ربما كان ذلك مقطوعا به ، فليس المراد حينئذ إلا ما ذكرناه أولا من الوجهين.
وقال علي بن الحسين عليهماالسلام في خبر عطاء بن السائب (٣) : « إذا كنتم في أئمة الجور فامضوا في أحكامهم ، ولا تشهروا أنفسكم فتقتلوا ، وإن تعاملتم بأحكامنا كان خيرا لكم ».
وقد يستفاد من هذا الخبر ـ مضافا إلى كون التقية دينا ـ صحة المعاملة بأحكامهم تقية على نحو الصحة في العبادة وإن افترقا بقاعدة الاجزاء في الثانية دون الأولى ، لكن هذا الخبر ـ مع كون التقية دينا ـ يقتضي الأعم إلا أنه لم يحضرني الآن كلام للأصحاب بالخصوص ، نعم في رسالة منسوبة للكركي الحكم بالبطلان في العبادة والمعاملة إلا ما نص فيه على الصحة كالوضوء ونحوه ، ولا ريب في فساده في العبادة ، أما المعاملة فمحل نظر.
هذا وفي الكفاية أيضا أنه يستفاد من الخبرين عدم جواز أخذ شيء بحكمهم وإن كان له حقا ، وهو في الدين ظاهر ، وفي العين لا يخلو من إشكال ، لكن مقتضى الخبرين التعميم ، وكأن فرقه بين الدين والعين باحتياج الأول إلى تراض في التشخيص ، والفرض جبر المديون بحكمهم ، بخلاف العين.
وفيه أن الجبر وإن كان إثما فيه لكن لا ينافي تشخص الدين بعد
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صفات القاضي ـ الحديث ٩.
(٢) سورة البقرة : ٢ ـ الآية ١٨٨.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ١ ـ من أبواب صفات القاضي ـ الحديث ٧.