حقوق الناس دون حقوق الله ».
وحينئذ فالمراد به الذي قام به إنشاء الخصومة في حق له أو خروج من حق عليه ، سواء وافق الظاهر والأصل بذلك أو خالفهما ، وسواء ترك مع سكوته أو لم يترك ، فان المدعي عرفا لا يختلف باختلاف ذلك.
وحينئذ ففي مسألة الإسلام كل من الزوج والزوجة مدعى لو كان مصب دعواهما ذلك ، والزوجة خاصة مدعية لو كان دعواها انفساخ النكاح والزوج بقاؤه وبالعكس.
وكيف كان فالرجوع إلى العرف في مصداقهما أولى من ذلك كله ، ولعله لا اشتباه فيه بعد امتياز خصوص الدعوى بين المتخاصمين ، نعم قد يقدم قول المدعي بيمينه في مقامات كثيرة للأدلة الخاصة ، وذلك لا يخرجه عن كونه مدعيا ، وإنما يخرج عن الحكم بأن عليه البينة ، وليس كل من قدم قوله بيمينه منكرا ، وكل من طلب منه البينة مدعيا. ومن ذلك دعوى الودعي رد الوديعة ودعوى الأمين تلف المال وغير ذلك ، بل لعل منه تقديم قول مدعي الصحة ، فإنه مدع ، ولكن قدم قوله بيمينه ، فتأمل فإنه بما ذكرنا يظهر لك النظر في كلمات كثيرة في المقام ، والله الهادي.
( و ) كيف كان فلا خلاف في أنه ( يشترط ) فيه أي المدعي ( البلوغ والعقل ، وأن يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه ، وما يصح منه تملكه ، فهذه قيود أربعة ، فلا تسمع دعوى الصغير ولا المجنون ) بلا خلاف أجده فيه كما اعترف به بعضهم ، بل هو إجماع مضافا إلى انسياق غيرهما من الأدلة ، بل الدعوى أيضا إنشاء يترتب عليه أحكام ، وعبارته مسلوبة عنه ، كغيرها من الإنشاءات ، لاتفاق النص (١) الفتوى على أنه لا يجوز أمره حتى يبلغ.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٤ ـ من أبواب مقدمة العبادات الحديث ٢.