فإنه لا يجوز حينئذ المقاصة ، كما أومأ إليه في خبر عبد الله وضاح (١) مع اليهودي الذي حلفه ، ثم وقع له عنده أرباح تجارة دراهم كثيرة فسأل أبا الحسن عليهالسلام عن ذلك فقال له : « إن كان ظلمك فلا تظلمه ، ولو لا أنك رضيت بيمينه فحلفته لأمرتك أن تأخذ من تحت يدك » وهو دليل آخر أيضا على جواز المقاصة ، كما هو واضح.
بل من إطلاق الأدلة السابقة وترك الاستفصال في بعضها وخصوص نصوص (٢) الجارية ( و ) الدابة الفارهة يستفاد أنه ( لو كان المال ) الذي له في ذمته ( من غير جنس الموجود ) عنده ( جاز أخذه بالقيمة العدل ، ويسقط اعتبار رضا المالك بالطاطه ) وجحوده بل واستئذان الحاكم أيضا في الأخذ المزبور وإن كان هو أولى من الأول ( كما يسقط اعتبار رضاه ) واستئذانه ( في ) متحد ( الجنس ) بلا خلاف أجده في شيء من ذلك بيننا ، نعم عن جماعة من العامة الاقتصار على الجنس ( و ) هو واضح الضعف.
بل مقتضى الإطلاق المزبور أنه ( يجوز أن يتولى ) بنفسه ( بيعها ) أي الوديعة مثلا ( وقبض دينه من ثمنها ) سواء كان من جنس حقه أم لا ( دفعا لمشقة التربص بها ) بل يجوز له بيع ثمنها إلى أن ينتهي إلى ما يساوي حقه في الجنس ثم يأخذه مقاصة ، لأن له على المالك ذلك ، وقد أقامه الشارع مقامه في الاستيفاء ، فلا يلزم بالمقاصة من غير الجنس كما عساه يتوهم في بادئ النظر من النصوص ، نعم حيث كان هو الولي في ذلك وجب عليه الجمع بين حقه وحق المالك.
ومن الغريب ما عن الكفاية « ويتخير عند الأصحاب بين أخذه
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب كيفية الحكم ـ الحديث ٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ٨٣ ـ من أبواب ما يكتسب به.