كما أن ما في قواعد الفاضل من استحباب ذلك رفعا للتهمة لم نتحقق دليله ، بل لا يخلو من منع إن أراد جواز الامتناع من الحاكم إذا لم يكن غيره ، والله العالم.
وعلى كل حال ففي المسالك استثناء صور من القضاء بالعلم حتى على القول بالمنع : ( منها ) تزكية الشهود وجرحهم لئلا يلزم الدور أو التسلسل ، و ( منها ) الإقرار في مجلس القضاء وإن لم يسمعه غيره ، وقيل يستثني إقرار الخصم مطلقا ، و ( منها ) العلم بخطإ الشهود يقينا أو كذبهم ، و ( منها ) تعزير من أساء أدبه في مجلسه وإن لم يعلم غيره ، لأنه من ضرورة إقامته أبهة القضاء ، و ( منها ) أن يشهد معه آخر ، فإنه لا يقصر عن شاهد.
ولا يخلو الأخير منها من نظر ، لعدم وضوح دليل الاستثناء فيه مع فرض عدم جواز القضاء بالعلم ، بل والثاني إذا كانت الدعوى إقراره ، والفرض تعقيبه له بالإنكار ولم يسمعه منه إلا الحاكم ، فان طريق ثبوته حينئذ ليس إلا البينة ، اللهم إلا أن يقال : إن الإقرار حتى في الفرض أحد طرق الحكم كسماع البينة ، فتأمل جيدا.
ثم إن الظاهر إرادة الأعم من اليقين والاعتقاد القاطع ولو من تكثير أمارات من العلم ، لكون الجميع من الحكم بالحق والعدل والقسط عنده ولغير ذلك مما سمعته من أدلة المسألة وإن كان هذا الفرد من العلم مما يمكن فيه البحث نحو ما ذكروه في الشاهد ، وليت المانع اقتصر عليه في غير الامام باعتبار احتمال كونه خطأ عند غير القاطع ، والله العالم.