انتقاد بحار الدموع الّتي يؤلف الدين هالة حولها . انتقاد الدين ، يخرج الإنسان من الخطأ ، لكي يستطيع أن يفكر كإنسان أدرك خطأه ، وأصبح متمسكاً في عقله ، فيعمل وفق ذلك ، ويخلق واقعه ، لكي يدور حول الشمس الحقيقية ، أي حول نفسه ) (١) .
مناقشة النظرية :
إن خواء وهزل هذه النظرية واضحٌ كلَّ الوضوح ، حيث اعتبر ماركس أن الدين عبارة عن مخدر للشعوب المستضعفة ، وهو من صنع طبقة تتحكم برؤوس الأموال ، وتسيطر على مقدرات الشعوب ، وهي الطبقة البرجوازية ، فمن خلال الدين ـ المخدر ـ يستطيع أبناء هذه الطبقة المحافظة على عروشهم ، ومصّ النقمة الجماهيرية الرافضة للاستعباد .
ولا أدري كيف غفل ـ أو تغافل ـ ماركس عن حقائق مهمة قبل طرح هذه النظرية ، وكيف ساوى بين جميع الأديان بهذه التهمة القاسية ؟ ! وللجواب على هذا الرأي نقول :
١ ـ إن الدين كما هو ثابت في علوم الآثار والانثروبولوجيا متأصّلٌ في الوجود الإنساني ، وقد أظهرت الآثار الصحيحة للحضارات البالية ، وتلك النقوش التي وجدت على جدران الكهوف ، بما لا يقبل الشكّ ، وجود الدين والتدين منذ أقدم العصور ، وحتّى الشيوعية الأولية أو الأُولىٰ ـ على حد تعبير الماركسيين ـ قبل أن يكون هناك أصحاب رؤوس أموال أو برجوازيين ، وقبل أن تكون هناك طبقة البروليتاريا الثائرة في وجوههم .
________________________
١) الفطرة / المطهري : ١٦٤ ، دور الدين في حياة الانسان / الآصفي : ٢ .