بالمعرفة . وعليه ، فالفطرة ليست مقصورة على التوحيد ، بل إن جميع المبادئ الحقّة هي من الأُمور الّتي فطر الله تعالى الإنسان عليها » (١) .
وربما يتصوّر أنّ التوجّه إلى تلك القوة الغيبية ، من قبيل التوجه إلى الوهم والخيال ، ولكننا نقول : إنّه لا يمكن أن يكون توجّه الخلائق كلّها نحو تلك القوة الغيبية وليد الوهم والخيال ، وأنّ جميع البشر قد أخطأوا في هذا الأمر الواضح ؛ لأنّ الوهم والاشتباه لا يمكن أن يتصوّر في كلّ الإنسانية . ولماذا يكون الدين فقط من الوهم والخيال والاشتباه ، لماذا لا يكون الحبّ أيضاً وهماً وخيالاً ؟ ! . ولماذا لا تكون القيم والمبادئ والعدالة أيضاً وهماً وخيالاً .
لقد برهنا سابقاً على بطلان تلك النظريات الوضعية واخفاقها في تفسير ظاهرة التدين .
وما أجمل تلك القصة الّتي أوردها الله تعالى في القرآن ، لإثبات أنّ الدين أمر فطري ، وهي قصة تصور رحلة الإيمان التي خاضها إبراهيم الخليل عليهالسلام ، ليُعرِّف قومه أنّ التوجّه إلى الله أمر فطري .
يذكر الشهيد المطهري في كتابه ( الفطرة ) هذه القصة قائلاً : إن قصة إبراهيم في القرآن تشير إلى هذه الطريقة في الاستدلال ، وإنّ من جوانب إعجاز القرآن أنّه اختار قصة إبراهيم هذه ، فإبراهيم عليهالسلام كان من أقدم الأنبياء ، قبل المسيحية واليهودية ، والقصة قصة إبراهيم نفسه .
شاب يرى نجماً منيراً فيقول : « هذا ربي » ، وقد يقولها بلهجة استفهام ، أو تقرير ، ثمّ يرىٰ أنّه أفل ، فيدرك أن ما يجده في نفسه من
________________________
١) الأربعون حديثاً / الإمام الخميني : ١٧٦ .