وقد عاهد قومه على الوفاء لولده شيث ، فما وفي له ، ولقد خرج نوح من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه سام فما وفت أمّته ، ولقد خرج إبراهيم من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه إسماعيل فما وفت أمّته ، ولقد خرج موسى من الدنيا وعاهد قومه على الوفاء لوصيّه يوشع بن نون فما وفت أمّته ، ولقد رفع عيسى بن مريم إلى السماء وقد عاهد قومه على الوفاء لوصيّه شمعون بن حمون الصفا فما وفت أمّته ، وإنّي مفارقكم عن قريب ، وخارج من بين أظهركم ، وقد عهدت إلى أمّتي في عليّ بن أبي طالب ، وإنّها لراكبة سنن من قبلها من الأمم في مخالفة وصيّي وعصيانه ، ألا وإنّي مجدّد عليكم عهدي في عليّ ( فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً ) (١)
وفي الاحتجاج ( ج ١ ؛ ٥٥ ـ ٦٦ ) بسنده عن أبي جعفر محمد بن عليّ الباقر عليهالسلام ، في حديث طويل في احتجاج النبي صلىاللهعليهوآله يوم الغدير على الخلق كلّهم ، وفي غيره من الأيّام بولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ومن بعده من ولده من الأئمة المعصومين عليهمالسلام ، قال في أوائله : فلمّا وقف صلىاللهعليهوآله بالموقف أتاه جبرئيل عليهالسلام عن الله عز وجل ، فقال : يا محمّد إنّ الله عزّ وجلّ يقرؤك السلام ، ويقول لك : إنّه قد دنا أجلك ومدّتك ، وأنا مستقدمك على ما لا بدّ منه ولا عنه محيص ، فاعهد عهدك ، وقدّم وصيّتك ، واعمد إلى ما عندك من العلم ، وميراث علوم الأنبياء من قبلك ، والسلاح والتابوت ، وجميع ما عندك من آيات الأنبياء ، فسلّمه إلى وصيّك وخليفتك من بعدك ؛ حجّتي البالغة على خلقي عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فأقمه للناس علما ، وجدّد عهده وميثاقه وبيعته ، وذكّرهم ما أخذت عليهم من بيعتي وميثاقي الذي واثقتهم ، وعهدي الذي عهدت إليهم ، من ولاية وليّي ، ومولاهم ومولى كل مؤمن ومؤمنة ، عليّ بن أبي طالب ....
فالواضح من هذه النصوص ، ونصوص أخرى جمّة ، أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان قد دعا الناس من قبل صلىاللهعليهوآله ، ومن أوّل بزوغ فجر الإسلام ، إلى مبايعة عليّ عليهالسلام ، بعد بيعتهم لله ولرسوله ،
__________________
(١) الفتح ؛ ١٠