وأنشدك يا حارث لتعرفني ووليّي وعدوّي في مواطن شتّى : لتعرفني عند الممات ، وعند الصراط ، وعند الحوض ، وعند المقاسمة.
قال الحارث : وما المقاسمة يا مولاي؟
قال عليهالسلام : مقاسمة النار ، أقاسمها قسمة صحاحا ؛ أقول هذا وليّي وهذا عدوّي ، ثمّ أخذ أمير المؤمنين بيد الحارث ، فقال : يا حارث أخذت بيدك كما أخذ رسول الله صلىاللهعليهوآله بيدي ، فقال لي ـ واشتكيت إليه صلىاللهعليهوآله حسدة قريش والمنافقين ـ : أنّه إذا كان يوم القيامة أخذت بحبل الله أو بحجزته ـ يعني عصمة من ذي العرش ـ وأخذت أنت يا عليّ بحجزتي ، وأخذت ذريتك بحجزتك ، وأخذت شيعتكم بحجزتكم ، فما ذا يصنع الله عزّ وجلّ بنبيّه ، وما ذا يصنع نبيّه بوصيّه ، خذها إليك يا حارث قصيرة من طويلة ، أنت مع من أحببت ولك ما اكتسبت ، قالها ثلاثا.
فقال الحارث ـ وقام يجرّ رداءه جذلا ـ : لا أبالي وربّي بعد هذا متى لقيت الموت أو لقيني. قال جميل بن صالح : فأنشدني أبو هاشم السيّد الحميريّ في كلمة له :
قول عليّ لحارث عجب |
|
كم ثمّ أعجوبة له حملا |
يا حار همدان من يمت يرني |
|
من مؤمن أو منافق قبلا |
يعرفني طرفه وأعرفه |
|
بعينه واسمه وما عملا |
وأنت عند الصراط تعرفني |
|
فلا تخف عثرة ولا زللا |
أسقيك من بارد على ظمأ |
|
تخاله في الحلاوة العسلا |
أقول للنار حين توقف لل |
|
عرض على حرّها : دعي الرّجلا |
دعيه لا تقربيه إنّ له |
|
حبلا بحبل الوصي متّصلا |
هذا لنا شيعة وشيعتنا |
|
أعطاني الله فيهم الأملا |
وروى الحمويني في فرائد السمطين ( ج ١ ؛ ٣٢٦ ) بإسناده عن عباية ، عن عليّ عليهالسلام قال : أنا قسيم النار ، إذا كان يوم القيامة قلت : هذا لك وهذا لي ... ولله درّ القائل في مدحه عليهالسلام وقد بلغ فيه غاية الكمال والتمام :