لأنفسهم ، أفكان يترك أمّته لا يبيّن لهم خليفته فيهم!! بلى والله ما تركهم في عمياء ولا شبهة ، بل ركب القوم ما ركبوا بعد نبيّهم ، وكذبوا على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فهلكوا وهلك من شايعهم ، وضلّوا وضلّ من تابعهم ، فبعدا للقوم الظالمين.
وفي الكافي ( ج ١ ؛ ١٩٩ ) بسنده عن عبد العزيز بن مسلم ، عن الإمام الرضا عليهالسلام في كلام طويل له في الإمامة : إنّ الله عزّ وجلّ لم يقبض نبيّه حتّى أكمل له الدين ... وأنزل في حجّة الوداع ـ وهي آخر عمره صلىاللهعليهوآله ـ ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً ) (١) وأمر الإمامة من تمام الدين ، ولم يمض صلىاللهعليهوآله حتّى بيّن لأمّته معالم دينهم ، وأوضح لهم سبيلهم ، وتركهم على قصد سبيل الحقّ ، وأقام لهم عليّا علما وإماما ، وما ترك شيئا يحتاج إليه الأمّة إلاّ بيّنه ، فمن زعم أنّ الله عزّ وجلّ لم يكمل دينه ردّ كتاب الله ، ومن ردّ كتاب الله فهو كافر به ....
وانظر هذه الرواية في عيون أخبار الرضا ( ١٧١ ـ ١٧٥ ) وأمالي الصدوق ( ٥٣٦ ـ ٥٤٠ ) وإكمال الدين ( ٦٧٥ ـ ٦٨١ ) ومعاني الأخبار ( ٩٦ ـ ١٠١ ) والمنقول هنا هو صدر الرواية.
وفي تفسير فرات (٣١٦) بسنده عن ابن عبّاس في قوله تعالى : ( وَما كُنْتَ بِجانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنا إِلى مُوسَى الْأَمْرَ وَما كُنْتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ ) (٢) ، قال : قضى إليه بالوصيّة إلى يوشع بن نون ، وأعلمه أنّه لم يبعث نبيّا إلاّ وقد جعل له وصيّا ، وإنّي باعث نبيّا عربيّا وجاعل وصيّه عليّا ، قال ابن عبّاس : فمن زعم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله لم يوص فقد كذب على الله وجهّل نبيّه ، وقد أخبر الله نبيّه بما هو كائن إلى يوم القيامة.
والأدلّة النقليّة والعقليّة قائمة على إيصاء النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّه لم يترك أمّته سدى ، وقد ألّفت المؤلّفات في إثبات ذلك ، وسيأتيك هنا أنّ النبي أوصى وصيّه عليّا وأمرهم بالتسليم عليه بإمرة المؤمنين والتسليم له ، فاعترض الشيخان وغيرهما مستفهمين بقولهما : فبأمر من الله أوصيت أم بأمرك؟!.
__________________
(١) المائدة ؛ ٣
(٢) القصص ؛ ٤٤