إنّ تلاعب الثلاثة ـ ومن بعدهم معاوية ـ بالأحكام ممّا لا ينكره ذو عقل ، ولا يجحده إلاّ مكابر ، وقد ألّفت الكتب في ذلك ، ومخالفاتهم لسنّة رسول الله مبثوثة في كتب المسلمين ، وفي أغلب أبواب الفقه ، بل في أمّهات أبوابه وأساسيّات مسائله ، وذلك جهلا منهم بالأحكام وعداوة لله ولرسوله ، ولذلك كان أئمّة أهل البيت يؤكّدون هذه الحقيقة ويصدعون بها ويبيّنونها للمسلمين.
ففي الكافي ( ج ٨ ؛ ٣٢ ) قول عليّ عليهالسلام في الخطبة الطالوتيّة : ولكن سلكتم سبيل الظلام فأظلمت عليكم دنياكم برحبها ، وسدّت عليكم أبواب العلم ، فقلتم بأهوائكم ، واختلفتم في دينكم ، فأفتيتم في دين الله بغير علم ، واتّبعتم الغواة فأغوتكم ، وتركتم الأئمّة فتركوكم ، فأصبحتم تحكمون بأهوائكم ...
وفي تفسير العيّاشي ( ج ١ ؛ ١٦ ) عن الصادق عليهالسلام ، قال : لا يرفع الأمر والخلافة إلى آل أبي بكر أبدا ، ولا إلى آل عمر ، ولا إلى آل بني أميّة ، ولا في ولد طلحة والزبير أبدا ، وذلك أنّهم بتروا القرآن وأبطلوا السنن ، وعطّلوا الأحكام.
وفي الكافي ( ج ٨ ؛ ٥٨ ) بسنده عن سليم بن قيس الهلالي ، قال : خطب أمير المؤمنين عليهالسلام ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ صلّى على النبي صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قال : ... إنّي سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآله يقول : كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ، ويهرم فيها الكبير ، يجري الناس عليها ويتّخذونها سنّة ، فإذا غيّر منها شيء قيل : قد غيّرت السنّة ... ثمّ أقبل بوجهه وحوله ناس من أهل بيته وخاصّته وشيعته ، فقال :
قد عملت الولاة قبلي أعمالا خالفوا فيها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، متعمّدين لخلافه ، ناقضين لعهده ، مغيّرين لسنته ، ولو حملت الناس على تركها ـ وحوّلتها إلى مواضعها ، وإلى ما كانت في عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله ـ لتفرّق عنّي جندي حتّى أبقى وحدي ، أو قليل من شيعتي ، الّذين عرفوا فضلي وفرض إمامتي من كتاب الله عزّ وجلّ وسنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله.
أرأيتم لو أمرت بمقام إبراهيم عليهالسلام فرددته إلى الموضع الذي وضعه فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله ،