فاقبلوني معه أحكم بينكم بما فيه من أحكام الله ، فقالوا : لا حاجة لنا فيه ولا فيك ، فانصرف به معك لا تفارقه ولا يفارقك ، فانصرف عليهالسلام عنهم.
وفي كتاب سليم بن قيس ( ٨١ ـ ٨٢ ) قال : فلمّا رأى عليهالسلام غدرهم وقلّة وفائهم له ، لزم بيته وأقبل على القرآن يؤلّفه ويجمعه ، فلم يخرج من بيته حتّى جمعه ، وكان في الصحف والشظاظ والأسيار والرقاع ، فلمّا جمعه كلّه وكتبه بيده ؛ تنزيله وتأويله ، والناسخ منه والمنسوخ ... خرج إلى الناس وهم مجتمعون مع أبي بكر في مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فنادى عليّ عليهالسلام بأعلى صوته : أيّها الناس ، إنّي لم أزل منذ قبض رسول الله صلىاللهعليهوآله ، مشغولا بغسله ، ثمّ بالقرآن حتّى جمعته كلّه في هذا الثوب الواحد ، فلم ينزل الله على رسول الله صلىاللهعليهوآله آية إلاّ وقد جمعتها ، وليست منه آية إلاّ وقد أقرأنيها رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وعلّمني تأويلها ... فقال له عمر : ما أغنانا بما معنا من القرآن عمّا تدعونا إليه ، ثمّ دخل عليّ عليهالسلام بيته.
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢ ؛ ٤١ ) قال : وفي أخبار أهل البيت عليهمالسلام ، أنّه عليهالسلام آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلاّ للصلاة ، حتّى يؤلّف القرآن ويجمعه ، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه ، ثمّ خرج إليهم به في إزار يحمله وهم مجتمعون في المسجد ، فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع إلبته ، فقالوا : لأمر ما جاء به أبو الحسن ، فلمّا توسّطهم وضع الكتاب بينهم ، ثمّ قال : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وهذا الكتاب وأنا العترة ، فقام إليه الثاني ، فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله ، فلا حاجة لنا فيكما ، فحمل عليهالسلام الكتاب وعاد به بعد أن ألزمهم الحجّة.
وفي خبر طويل عن الصادق عليهالسلام : أنّه حمله وولّى راجعا نحو حجرته وهو يقول : ( فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ ) (١).
وقال ابن شهرآشوب في مناقبه أيضا ( ج ٢ ؛ ٤٠ ـ ٤١ ) ذكر الشيرازيّ في نزول القرآن ،
__________________
(١) آل عمران ؛ ١٨٧.