أخبر النبي صلىاللهعليهوآله قبل وفاته عليّا وفاطمة عليهماالسلام بما يجري عليهم من بعده ، وقد تقدّم ذلك ، ولذلك صاحت الزهراء وبكت ؛ لأنّها عرفت من رسول الله أنّ القوم سيستذلّونهم ويستضعفونهم ، وهذا ممّا لا خلاف فيه ، فقد وقع الاستضعاف لآل محمّد والإيذاء لفاطمة ، وأنزلوا الذلّ بها ، وقد أخبر النبي صلىاللهعليهوآله بذلك.
ففي أمالي الصدوق ( ٩٩ ، ١٠٠ ) بسنده عن ابن عبّاس [ أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله بكى لمّا رأى الزهراء عليهاالسلام فسئل عن علّة بكائه ] ، فقال صلىاللهعليهوآله : وإنّي لمّا رأيتها ذكرت ما يصنع بها بعدي ، كأنّي بها وقد دخل الذلّ بيتها ، وانتهكت حرمتها ... فلا تزال بعدي محزونة مكروبة باكية ... ثمّ ترى نفسها ذليلة بعد أن كانت في أيّام أبيها عزيزة ... فتكون أوّل من يلحقني من أهل بيتي ، فتقدم عليّ محزونة ، مكروبة ، مغمومة ، مغصوبة ، مقتولة ، فأقول عند ذلك : اللهم العن من ظلمها ، وعاقب من غصبها ، وأذلّ من أذلّها ، وخلّد في نارك من ضرب جنبيها حتّى ألقت ولدها. ومثله في فرائد السمطين ( ج ٢ ؛ ٣٤ ـ ٣٥ ) وبشارة المصطفى ( ١٩٨ ـ ١٩٩ ) وإرشاد القلوب (٢٩٥) وبيت الأحزان ( ٧٣ ـ ٧٤ ).
وفي مناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢ ؛ ٢٠٨ ) من كلام للزهراء مع عليّ عليهماالسلام ، قالت فيه : ليتني متّ قبل ذلّتي. وفي التهاب نيران الأحزان (٨٦) قالت : ليتني متّ قبل منيّتي ، ودون ذلّتي.
وسيأتي تفصيل استذلالهم لأمير المؤمنين والزهراء ، من حرق الدار ، وجرّ عليّ للبيعة قسرا ، وكسر ضلعها ، وإسقاط جنينها ، وغيرها من وجوه الظلم والاستذلال لآل محمّد عليهمالسلام.
قال ابن شهرآشوب في المناقب ( ج ٣ ؛ ٣٣٧ ) عن ابن عباس ، قال : فأوصى النبي صلىاللهعليهوآله إلى عليّ عليهالسلام بالصبر عن الدنيا ، وبحفظ فاطمة عليهاالسلام ....