وفي كتاب اليقين (٤٨٨) بسنده عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، عن سلمان الفارسي ، قال [ حديث طويل للنبي صلىاللهعليهوآله أنبأهم فيه بما يصيب أهل بيته ، ثمّ قال لفاطمة عليهاالسلام ] : يا فاطمة أنا سلم لمن سالمك ، وحرب لمن حاربك ، أستودعك الله تعالى وجبرئيل وصالح المؤمنين ، قال : قلت : يا رسول الله من صالح المؤمنين؟ قال صلىاللهعليهوآله : عليّ بن أبي طالب.
وكذلك أوصى النبي جميع المسلمين بأهل بيته ، وقد مرّ قوله صلىاللهعليهوآله : « الله الله في أهل بيتي ، أوصيكم خيرا بأهل بيتي » ، وما شابهها من وصايا النبي بأهل بيته ، ففي بشارة المصطفى (١٢٧) بسنده عن أنس ، قال : جاءت فاطمة ومعها الحسن والحسين عليهمالسلام إلى النبي صلىاللهعليهوآله في المرض الذي قبض فيه ، فانكبّت عليه فاطمة ، وألصقت صدرها بصدره ، وجعلت تبكي ، فقال لها النبي صلىاللهعليهوآله : يا فاطمة ، ونهاها عن البكاء ، فانطلقت إلى البيت ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله ويستعبر الدموع : اللهم أهل بيتي ، وأنا مستودعهم كلّ مؤمن ومؤمنه ، ثلاث مرّات.
وقد حفظ بعض المسلمين رسول الله في أهله ، وبعضهم لم يحفظه ، بل نقضوا العهد وفعلوا الأفاعيل المنكرة ، وكان عليّ عليهالسلام ـ مظلوم التاريخ الأكبر ـ أوّل من نفّذ وصيّة الرسول ، وحافظ على الزهراء والحسنين عليهمالسلام ـ وخصوصا الزهراء عليهاالسلام ـ أشدّ المحافظين ، فقد ثبت قول عليّ عليهالسلام في ندبته الرائعة للزهراء عليهاالسلام عند ما دفنها وتوجه إلى قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله قائلا : السلام عليك يا رسول الله عنّي ، والسلام عليك عن ابنتك وزائرتك ، والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ... قد استرجعت الوديعة ...
انظر هذه الندبة في الكافي ( ج ١ ؛ ٤٥٨ ـ ٤٥٩ ) وأمالي المفيد ( ٢٨١ ـ ٢٨٣ ) وأمالي الطوسي ( ١٠٩ ، ١١٠ ) ودلائل الإمامة ( ٤٧ ـ ٤٨ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٣ ؛ ٣٦٤ ) وبشارة المصطفى (٢٥٩) وتذكرة الخواص (٣١٩). وسيأتي المزيد في إنفاذ عليّ عليهالسلام جميع وصاياها ودفنها سرّا ، ولم يحضر الشيخين دفنها ، عند قوله : « يا عليّ انفذ لما أمرتك به فاطمة » بعد قليل.