أتاه يخبره كعادته ، فوجده قد ثقل ، فمنع من الدخول إليه ، فأمرت عائشة صهيبا أن يمضي إلى أبيها فيعلمه أنّ رسول الله قد ثقل وليس يطيق النهوض إلى المسجد ، وعليّ بن أبي طالب قد شغل به وبمشاهدته عن الصلاة بالناس ، فاخرج أنت إلى المسجد وصلّ بالناس ، فإنّها حالة تهيّئك وحجّة لك بعد اليوم.
قال : ولم يشعر الناس ـ وهم في المسجد ينتظرون رسول الله صلىاللهعليهوآله أو عليّا عليهالسلام يصلّي بهم كعادته الّتي عرفوها في مرضه ـ إذ دخل أبو بكر المسجد ، وقال : إنّ رسول الله قد ثقل ، وقد أمرني أن أصلّي بالناس ... ثمّ نادى الناس بلالا ، فقال : على رسلكم رحمكم الله لأستأذن رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك ، ثمّ أسرع حتّى أتى الباب ... فقال : إنّ أبا بكر دخل المسجد وتقدّم حتّى وقف في مقام رسول الله ، وزعم أنّ رسول الله أمره بذلك ... وأخبر رسول الله الخبر ، فقال صلىاللهعليهوآله : أقيموني ، أخرجوني إلى المسجد ، والّذي نفسي بيده قد نزلت بالإسلام نازلة وفتنة عظيمة من الفتن ، ثمّ خرج معصوب الرأس يتهادى بين عليّ والفضل بن العبّاس ورجلاه تجرّان في الأرض ، حتّى دخل المسجد ، وأبو بكر قائم في مقام رسول الله وقد طاف به عمر وأبو عبيدة وسالم وصهيب والنفر الّذين دخلوا ... وتقدّم رسول الله فجذب أبا بكر من ردائه فنحّاه عن المحراب ، وأقبل أبو بكر والنفر الّذين كانوا معه فتواروا خلف رسول الله ، وأقبل الناس فصلّوا خلف رسول الله وهو جالس ، وبلال يسمع الناس التكبير ، حتّى قضى صلاته ، ثمّ التفت صلىاللهعليهوآله فلم ير أبا بكر ، فقال : أيها الناس ، ألا تعجبون من ابن أبي قحافة وأصحابه الذين أنفذتهم وجعلتهم تحت يدي أسامة ، وأمرتهم بالمسير إلى الوجه الّذي وجّهوا إليه ، فخالفوا ذلك ورجعوا إلى المدينة ابتغاء الفتنة ، ألا وإنّ الله قد أركسهم فيها ، اعرجوا بي إلى المنبر.
فقام صلىاللهعليهوآله وهو مسنّد حتّى قعد على أدنى مرقاة ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ قال : أيّها الناس ، إنّه قد جاءني من أمر ربّي ما الناس صائرون إليه ، وإني قد تركتكم على الحجّة الواضحة ، ليلها كنهارها ، فلا تختلفوا من بعدي كما اختلف من كان قبلكم من بني إسرائيل ، أيّها الناس إنّي لا أحلّ لكم إلاّ ما أحلّه القرآن ، ولا أحرّم عليكم إلاّ ما حرّمه القرآن ، وإنّي مخلّف