فيكم الثقلين ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلّوا ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، هما الخليفتان فيكم ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فأسالكم بما ذا خلّفتموني فيهما ، وليذادنّ يومئذ رجال عن حوضي كما تذاد الغريبة من الإبل ، فيقول رجال : أنا فلان وأنا فلان ، فأقول : أمّا الأسماء فقد عرفت ، ولكنّكم ارتددتم من بعدي ، فسحقا لكم سحقا. ثمّ نزل عن المنبر وعاد إلى حجرته ، ولم يظهر أبو بكر ولا أصحابه حتّى قضى رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وانظر حرص عائشة وحفصة ، كلّ منهما على تقديم أبيها للصلاة ، وقول النبي لهما : « اكففن فإنّكنّ كصويحبات يوسف » وخروجه للصلاة وتأخيره أبا بكر في الإرشاد ( ٩٧ ـ ٩٨ ) وإعلام الورى ( ٨٢ ـ ٨٤ ) والمسترشد في الإمامة ( ١٢٤ ـ ١٢٦ ، ١٣٢ ، ١٤٢ ـ ١٤٣ ) والشافي في الإمامة ( ج ٢ ؛ ١٥٨ ـ ١٥٩ ).
وقال الكوفي في الاستغاثة (١١٧) بعد ذكره لروايات أبناء العامة في صلاة أبي بكر وإرجاع النبي إيّاه ، قال : وأمّا رواية أهل البيت عليهمالسلام في تقديمه للصلاة ، فإنّهم رووا أنّ بلالا صار إلى باب رسول الله فنادى : الصلاة ، وكان قد أغمي على رسول الله ورأسه في حجر عليّ عليهالسلام ، فقالت عائشة لبلال : مر الناس أن يقدّموا أبا بكر ليصلّي بهم ، فإنّ رسول الله مشغول بنفسه ، فظنّ بلال أنّ ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال للناس : قدّموا أبا بكر فيصلّي بكم ، فتقدّم أبو بكر ، فلمّا كبّر أفاق رسول الله صلىاللهعليهوآله من غشوته ، فسمع صوته ، فقال عليّ عليهالسلام : ما هذا؟ قالت عائشة : أمرت بلالا يأمر الناس بتقديم أبي بكر يصلّي بهم ، فقال صلىاللهعليهوآله : أسندوني ، أما إنّكنّ كصويحبات يوسف ... فجاء صلىاللهعليهوآله إلى المحراب بين الفضل وعليّ وأقام أبا بكر خلفه ...
وأمّا ما روته كتب العامّة ، فإنّه مرتبك من حيث التفاصيل ، ففي بعضها أن النبي صلىاللهعليهوآله أمر أبا بكر بالصلاة ، وفي بعضها أنّ عائشة أمرته بذلك ، وفي بعضها أنّ النبي أمر أن يصلّي أحدهم ولم يعيّن ، فتنازعت عائشة وحفصة كلّ تريد تقديم والدها ، إلى أن تقدّم أبو بكر ، ثمّ نقلوا أنّ النبي خرج يهادي بين رجلين ـ لم يذكرهما البخاريّ ، وذكرتهما المسانيد الأخرى ، وهما عليّ والفضل ـ حتّى وقف يصلّي ، قال ابن أبي الحديد في شرح النهج ( ج ١٤ ؛ ٢٣ ) : فمنهم