سيأتي ما يتعلّق بهذا المطلب في الطّرفة الحادية والعشرين ، فإنّها معقودة لبيان هذا الغرض. لكنّنا نذكر هنا بعض ما جاء من الروايات في ابتداعهم بالهوى وتغييرهم السنّة.
ففي إرشاد المفيد (٦٥) قال : وروى إسماعيل بن عليّ العمّي ، عن نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر بن يزيد ، عن أبي جعفر الباقر ، عن أبيه عليهماالسلام ، قال : انقطع شسع نعل النبي صلىاللهعليهوآله ، فدفعها إلى عليّ عليهالسلام يصلحها ، ثمّ مشى في نعل واحدة غلوة أو نحوها ، وأقبل على أصحابه وقال : إنّ منكم من يقاتل على التأويل كما قاتل معي على التنزيل ، فقال أبو بكر : أنا ذاك يا رسول الله؟ قال : لا ، فقال عمر : فأنا يا رسول الله؟ قال : لا ، فأمسك القوم ونظر بعضهم إلى بعض ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : لكنّه خاصف النعل ، وأومأ بيده إلى عليّ بن أبي طالب ، وإنّه يقاتل على التأويل إذا تركت سنّتي ونبذت وحرّف كتاب الله وتكلّم في الدين من ليس له ذلك ، فيقاتلهم عليّ على إحياء دين الله. وهذه الرواية في كشف اليقين (١٣٩).
وفي أمالي الطوسي ( ٦٥ ـ ٦٦ ) وأمالي المفيد ( ٢٨٨ ـ ٢٩٠ ) بسندهما عن عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، قال : لمّا نزلت على النبي صلىاللهعليهوآله ( إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ) (١) فقال لي : يا عليّ ، لقد جاء نصر الله والفتح ... يا عليّ ، إنّ الله قد كتب على المؤمنين الجهاد في الفتنة من بعدي ، كما كتب عليهم جهاد المشركين معي ، فقلت : يا رسول الله ، وما الفتنة الّتي كتب علينا فيها الجهاد؟ قال : فتنة قوم يشهدون أن « لا إله إلاّ الله وأني رسول الله » وهم مخالفون لسنّتي وطاعنون في ديني ، فقلت : فعلى م نقاتلهم يا رسول الله وهم يشهدون أن « لا إله إلاّ الله وأنّك رسول الله »؟ فقال : على إحداثهم في دينهم ، وفراقهم لأمري ، واستحلالهم دماء عترتي ... وكأنّك بقوم قد تأوّلوا القرآن وأخذوا بالشبهات ، فاستحلّوا الخمر بالنبيذ ، والبخس بالزكاة ، والسّحت بالهديّة.
__________________
(١) الفتح ؛ ١.