يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) (١) ، ويردد ذلك ويكرّره ، وذكر أكثر ما روي في هذا المعنى يطول فضلا عن ذكر جميعه.
وفي الإمامة والسياسة ( ج ١ ؛ ٣٠ ) قال : وبقي عمر ومعه قوم ، فأخرجوا عليّا فمضوا به إلى أبي بكر ، فقالوا له : بايع ، فقال : إن أنا لم أفعل فمه؟ قالوا : إذا ـ والله الّذي لا إله إلاّ هو ـ نضرب عنقك ، فقال : إذا تقتلون عبد الله وأخا رسوله ، قال عمر : أما عبد الله فنعم ، وأما أخو رسوله فلا ، وأبو بكر ساكت لا يتكلم ، فقال له عمر : ألا تأمر فيه بأمرك؟! فقال : لا أكرهه على شيء ما كانت فاطمة إلى جنبه ، فلحق بقبر رسول الله صلىاللهعليهوآله يصيح ويبكي وينادي : يا ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي ) (٢).
فلا حظ استفهام عمر ، فإنّه يشير إلى المؤامرة السابقة بأن يضربوا عنق عليّ عليهالسلام إن لم يبايع ، وذلك بعينه ما تقدّم نقله عن الخصال ؛ حيث أمر النبي صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام بأن لا يجعل لهم سبيلا إلى قتله وسفك دمه ، وذلك ما فعله عليّ عليهالسلام.
وانظر ـ تصريحهم بالتهديد لعليّ بضرب عنقه ، وقراءته عليهالسلام الآية المباركة ـ المسترشد في الإمامة (٣٧٨) واليقين (٣٣٧) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ٢ ؛ ١١٥ ) وتفسير العياشي ( ج ٢ ؛ ٧٠ ) والاحتجاج (٨٣) وإثبات الوصيّة (١٢٤) وتقريب المعارف (٢٣٧) والتهاب نيران الأحزان ( ٧١ ـ ٧٢ ) وغيرها من المصادر المصرّحة بذلك من الفريقين من المسلمين.
وقد مرّ خبر الخصال واليقين ، وأن عليّا عليهالسلام كان يعلم بتفاصيل ما يفعلونه ، ولكنّه سكت التزاما بوصيّة رسول الله ، فلم يكن منه إلاّ الصبر.
وقد صرّح في كثير من المصادر أنّه كان يعلم بذلك ، وصبر عليه بوصيّته من رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل إنّ تلاوة عليّ عليهالسلام للآية المباركة يشير إلى أنّ النبي كان قد أخبره بذلك ، كما أنّ هارون كان على وصيّة من موسى ، فعصوه ؛ ولم يقاتلهم خشية التفريق بين
__________________
(١) الأعراف ؛ ١٥٠.
(٢) الأعراف ؛ ١٥٠.