لأنّه شيء قد عرف ، وكذلك الضمير في قول لبيد « ألقت » ؛ فإنّه راجع للشمس. وقال الطبرسي رحمهالله في مجمع البيان ( ج ٤ ؛ ٤٧٤ ) : « توارت بالحجاب » أي توارت الشمس ، ولم يجر لها ذكر ؛ لأنّه شيء قد عرف ، كقوله سبحانه ( إِنَّا أَنْزَلْناهُ ) (١) يعني القرآن ، ولم يجر له ذكر ، وقوله ( كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ ) (٢) يعني الأرض ، قال الزّجّاج : في الآية دليل على الشمس ؛ وهو قوله : ( إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ ) (٣) ، فهو في معنى « عرض عليه بعد زوال الشمس حتّى توارت الشمس بالحجاب » ، قال : وليس يجوز الإضمار إلاّ أن يجرى ذكر أو دليل بمنزلة الذكر.
وفي مسند أحمد ( ج ٤ ؛ ٢٦٣ ) بسنده عن عمّار بن ياسر ، قال : كنت أنا وعليّ عليهالسلام رفيقين في غزوة ذات العشيرة ، فلمّا نزلها رسول الله وأقام بها ، رأينا ناسا من بني مدلج يعملون في عين لهم في نخل ، فقال لي عليّ عليهالسلام : يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ، ثمّ غشينا النوم ، فانطلقت أنا وعليّ عليهالسلام فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء من التراب ، فنمنا ، فو الله ما أهبّنا إلاّ رسول الله صلىاللهعليهوآله يحرّكنا برجله وقد تترّبنا من تلك الدقعاء ، فيومئذ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعليّ عليهالسلام : يا أبا تراب ـ لما يرى عليه من التراب ـ ألا أحدّثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا : بلى يا رسول الله ، قال : أحيمر ثمود الّذي عقر الناقة ، والّذي يضربك يا عليّ على هذه ـ يعني قرنه ـ حتّى تبلّ منه هذه ـ يعني لحيته ـ.
وفي شواهد التنزيل ( ج ٢ ؛ ٤٤٤ ) بسنده عن ابن عبّاس ، قال : قال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : أشقى الخلق قدار بن قدير عاقر ناقة صالح ، وقاتل عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، ثمّ قال ابن عبّاس : ولقد أمطرت السماء يوم قتل عليّ دما يومين متتابعين.
وانظر مجمع البيان ( ج ٥ ؛ ٤٩٩ ) والتوحيد ( ٣٦٧ ـ ٣٦٨ ) والعمدة (٢٥) والخرائج والجرائح (١١٥) وإعلام الورى ( ٨٣ ـ ٨٤ ) ومناقب ابن شهرآشوب ( ج ١ ؛ ١٤٠ )
__________________
(١) القدر ؛ ١.
(٢) الرحمن ؛ ٢٦.
(٣) ص ؛ ٣١.