فيهم ، فسألهم ذكر حدث يوجب خلعه ، أو تقصير يمنع من إمامته ، فلم يجيبوه ، فكرّر الإعذار ، وبالغ في النصيحة والدعوة إلى كتاب الله والسنّة ، والتخويف من الفتنة والفرقة ، على الانفراد بكلّ منهم بنفسه وبرسله ، والاجتماع ... فكرر التذكار والوعظ ، فلم يزدهم ذلك إلاّ طغيانا وإصرارا ، فأمسك عن قتالهم واقتصر على الدعاء ، حتّى بدءوه بالحرب ، وقتلوا داعيه بالمصحف إلى ما فيه ، وهو مسلم ، ورشقوا أصحابه عليهالسلام بالسهام ، فجرحوا قوما وقتلوا آخرين ، وحملوا على أصحابه من كلّ جانب ، وعائشة على جملها مجفّفا ، وعلى هودجها الدروع ، بارزة بين الصفّين تحرّض على القتال ، فحينئذ أذن عليهالسلام لأنصاره بالقتال ...
وقال الدينوريّ في الأخبار الطوال (١٤٧) قالوا : وأقام عليّ عليهالسلام ثلاثة أيّام يبعث رسله إلى أهل البصرة ، فيدعوهم إلى الرجوع إلى الطاعة والدخول في الجماعة ، فلم يجد عند القوم إجابة.
وفي تاريخ اليعقوبي ( ج ٢ ؛ ١٨٢ ) : واصطفّ أصحاب عليّ عليهالسلام ، فقال لهم : لا ترموا بسهم ، ولا تطعنوا برمح ، ولا تضربوا بسيف ... أعذروا ، فرمى رجل من عسكر القوم بسهم فقتل رجلا من أصحاب أمير المؤمنين ، فأتي به إليه ، فقال : اللهمّ اشهد ، ثمّ رمى آخر فقتل رجلا من أصحاب عليّ ، فقال : اللهمّ اشهد ، ثمّ رمى رجل آخر ، فأصاب عبد الله بن بديل ابن ورقاء الخزاعي ....
يضاف إلى ما ذكرنا ما أطبقت عليه المصادر التاريخية من تذكير عليّ الزبير بحقّه بنص رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ورجوع الزبير ، كما أطبقت المصادر على احتجاج عليّ على طلحة ومحاججته بالسنّة ، وكذلك عائشة ، وهذا كلّه تعلّما من رسول الله ، وأخذا عنه صلىاللهعليهوآله ، وقد اعترفت عائشة وكانت تعرف ذلك جيدا ، وأنّ عليّا ابن عمّ الرسول والمترسّم لخطاه ، قال ابن أعثم في الفتوح ( ج ١ ؛ ٤٧٦ ـ ٤٧٧ ) : ونظرت إليه [ إلى عليّ عليهالسلام ] عائشة وهو يجول بين الصفوف ، فقالت : انظروا إليه ، كأنّ فعله فعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر ، أما والله ما ينتظر