قال عليهالسلام : إنّ الله تقدّس اسمه عظّم شأن نساء النبي ، فخصهنّ بشرف الأمّهات ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أبا الحسن ، إنّ هذا الشرف باق لهنّ ما دمن لله على الطاعة ، فأيّتهن عصمت الله بعدي بالخروج عليك فأطلق لها في الأزواج ، وأسقطها من شرف أمومة المؤمنين.
وفي الفتوح ( ج ١ ؛ ٤٩٣ ـ ٤٩٤ ) بعد أن ذكر محاججة ابن عبّاس لعائشة ، قال : ثمّ أقبل عليّ عليهالسلام على عائشة ، فجعل يوبّخها ويقول : أمرك الله أن تقرّي في بيتك ، وتحتجبي بسترك ، ولا تبرّجي ، فعصيته وخضت الدماء ، تقاتلينني ظالمة ، وتحرّضين عليّ الناس ، وبنا شرّفك الله وشرّف آباءك من قبلك ، وسمّاك أم المؤمنين ، وضرب عليك الحجاب ، قومي الآن فارحلي ، واختفي في الموضع الّذي خلّفك فيه رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى أن يأتيك فيه أجلك ، ثمّ قام عليّ عليهالسلام فخرج من عندها.
قال : فلمّا كان من الغد بعث إليها ابنه الحسن عليهالسلام ، فجاء الحسن عليهالسلام فقال لها : يقول لك أمير المؤمنين « أما والّذي فلق الحبّة وبرأ النسمة ، لئن لم ترحلي الساعة لأبعثنّ إليك بما تعلمين » ، قال : وعائشة في وقتها ذلك قد ضفرت قرنها الأيمن وهي تريد أن تضفر الأيسر ، فلمّا قال لها الحسن ما قال ، وثبت من ساعتها وقالت : رحّلوني.
فقالت لها امرأة من المهالبة : يا أم المؤمنين ، جاءك عبد الله بن عبّاس فسمعناك وأنت تجاوبينه حتّى علا صوتك ، ثمّ خرج من عندك وهو مغضب ، ثمّ جاءك الآن هذا الغلام برسالة أبيه فأقلقك ، وقد كان أبوه جاءك فلم نر منك هذا القلق والجزع!!
فقالت عائشة : إنّما أقلقني لأنّه ابن بنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فمن أحبّ أن ينظر إلى رسول الله فلينظر إلى هذا الغلام ، وبعد فقد بعث إليّ أبوه ما قد علمت ، ولا بدّ من الرحيل.
فقالت لها المرأة : سألتك بالله وبمحمّد إلاّ أخبرتني بما ذا بعث إليك عليّ عليهالسلام؟
فقالت عائشة : ويحك ، إنّ رسول الله أصاب من مغازيه نفلا ، فجعل يقسم ذلك في أصحابه ، فسألناه أن يعطينا منه شيئا ، وألححنا عليه في ذلك ، فلا منا عليّ عليهالسلام ، وقال : حسبكنّ أضجرتن رسول الله ، فتجهّمناه وأغلظنا له في القول ، فقال : ( عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَ