وفي شرح النهج ( ج ٣ ؛ ١٩٠ ) من كتاب لمعاوية يردّ فيه على كتاب كتبه محمّد بن أبي بكر إليه ، يقول فيه معاوية : فكان أبوك وفاروقه أوّل من ابتزه [ أي عليّا عليهالسلام ] وخالفه ، على ذلك اتّفقا واتّسقا ، ثمّ دعواه إلى أنفسهما ، فأبطأ عنهما ، وتلكّأ عليهما ، فهمّا به الهموم ، وأراد به العظيم ... أبوك مهّد له مهاده ، وبنى ملكه وشاده ، فإن يكن ما نحن فيه صوابا فأبوك أوّله ، وإن يكن جورا فأبوك أسّه ونحن شركاؤه ، فبهداه أخذنا ، وبفعله اقتدينا ، رأينا أباك فعل ما فعل ، فاحتذينا مثاله ، واقتدينا بفعاله ، فعب أباك بما بدا لك ، أودع ، والسلام على من أناب ، ورجع عن غوايته وتاب.
وروى الطبريّ كتاب معاوية هذا في المسترشد (٥٠٩) وفيه : يا محمّد أبوك مهّد مهاده ، وثنى لملكه وساده ، ووافقه على ذلك فاروقه ، فإن يكن ما نحن فيه حقّا فأبوك أوّله ، وإن يكن باطلا فأبوك أساسه ، فعب أباك بما بدا لك ، أودع ، والسلام.
وهذا المعنى من المسلّمات ، ويدل عليه النظر والاعتبار التاريخي ، وقد أجاد الشاعر محمّد بن عبد الرحمن المعروف ب « ابن قريعة » المتوفى سنة ٣٦٧ ، حيث قال ـ كما في الوافي بالوفيّات ( ج ٣ ؛ ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ) ـ :
لو لا اعتذار رعيّة |
|
ألغى سياستها الخليفة |
وسيوف أعداء بها |
|
هاماتنا أبدا نقيفه |
لكشفت من أسرار آ |
|
ل محمّد جملا طريفه |
تغنى بها عمّا روا |
|
ه مالك وأبو حنيفة |
ونشرت طي صحيفة |
|
فيها أحاديث « الصحيفة » |
وأريتكم أنّ الحسي |
|
ن أصيب في يوم السقيفة |
ولأيّ حال ألحدت |
|
بالليل فاطمة الشريفة |
ولما ختت شيخيكم |
|
عن وطء حجرتها المنيفة |
آه لبنت محمّد |
|
ماتت بغصتها أسيفه |
وروى الأربلي في كشف الغمّة ( ج ١ ؛ ٥٠٥ ) قصيدة ابن قريعة هذه قائلا : أنشدني