وأمّا أنّ الثاني أشرّ من الأوّل وأظلم ، فمما عليه المحقّقون ، وقد أكّدت الروايات بأنّه هو الذي أضلّ الأوّل عن الذكر ، كما أنّ الوقائع والأحداث تدلّ على أنّه كان رأس الحربة في ظلم وإيذاء آل محمّد صلىاللهعليهوآله ، وقد مرّ توثيق كثير من أعماله في الحرق والضرب وإسقاط الجنين وغيرها من أعماله.
وفي معاني الأخبار (٤١٢) بسنده عن أبي بصير ، قال : سألته عليهالسلام عمّا روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال : « إنّ ولد الزنا شرّ الثلاثة »؟ قال عليهالسلام : عنى به الأوسط ، إنّه شرّ ممّن تقدّمه وممّن تلاه.
وفي بصائر الدرجات ( ٣٠٦ ـ ٣٠٧ ) بسنده عن أبي الصخر ، قال : أخبرني أبي ، عن جدّي ، أنّه كان مع أبي جعفر محمّد بن عليّ بمنى وهو يرمي الجمرات ، وأنّ أبا جعفر رمى الجمرات ، قال : فاستتمّها ، ثمّ بقي في يده بعد خمس حصيّات ، فرمى اثنتين في ناحية وثلاث في ناحية ، فقال له جدّي ، جعلت فداك ، لقد رأيتك صنعت شيئا ما صنعه أحد قطّ ؛ رأيتك رميت الجمرات ، ثمّ رميت بخمسة بعد ذلك ؛ ثلاثة في ناحية واثنتين في ناحية؟
قال عليهالسلام : نعم ، إنّه إذا كان كلّ موسم أخرجا ـ الفاسقين الغاصبين ـ ثمّ يفرّق بينهما هاهنا ، لا يراهما إلاّ إمام عدل ، فرميت الأوّل اثنتين والآخر ثلاثة ، لأنّ الآخر أخبث من الأوّل.
لقد أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله عليّا عليهالسلام بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، وذلك على تأويل القرآن كما قاتل صلىاللهعليهوآله على تنزيله ، وقد مرّ تخريج قول النبي صلىاللهعليهوآله في عليّ أنّه يقاتل على التأويل كما قاتل صلىاللهعليهوآله على التنزيل في الطّرفة السادسة ، وسنذكر هنا أمره صلىاللهعليهوآله صريحا بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، ومعلوم بالضرورة ـ مضافا إلى ما تقدّم قبل قليل ـ اشتراط المقاتلة بوجود الناصر المعين ، ووجود شيعة مخلصين يقاتلون مع عليّ عليهالسلام.
ففي نهج البلاغة ( ج ١ ؛ ٣٥ ـ ٣٧ ) : فما راعني إلاّ والناس كعرف الضّبع إليّ ، ينثالون عليّ من كلّ جانب ، حتّى لقد وطئ الحسنان ، وشقّ عطفاي ، مجتمعين حولي كربيضة الغنم ، فلمّا