رأسه في حجرها ، فإذا الحسن والحسين عليهماالسلام يبكيان ويصطرخان ويقولان : أنفسنا لنفسك الفداء ، ووجوهنا لوجهك الوقاء ... فعانقهما وقبّلهما ، وكان الحسن أشدّ بكاء ، فقال له : كفّ يا حسن فقد شققت على رسول الله ...
فروي عن ابن عبّاس : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله في ذلك المرض كان يقول : ادعوا لي حبيبي ، فجعل يدعى له رجل بعد رجل فيعرض عنه ، فقيل لفاطمة : امضي إلى عليّ ، فما نرى رسول الله صلىاللهعليهوآله يريد غير عليّ عليهالسلام ، فبعثت فاطمة إلى عليّ عليهالسلام ، فلمّا دخل فتح رسول الله صلىاللهعليهوآله عينيه وتهلّل وجهه ، ثمّ قال : إليّ يا عليّ ، إليّ يا عليّ ، فما زال يدنيه حتّى أخذه بيده وأجلسه عند رأسه ، ثمّ أغمي عليه ، فجاء الحسن والحسين عليهماالسلام يصيحان ويبكيان حتّى وقعا على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فأراد عليّ عليهالسلام أن ينحّيهما عنه ، فأفاق رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قال : يا عليّ ، دعني أشمّهما ويشمّاني ، وأتزوّد منهما ويتزوّدان منّي ، أما إنّهما سيظلمان بعدي ، ويقتلان ظلما ، فلعنة الله على من ظلمهما ـ يقول ذلك ثلاثا ـ ثمّ مدّ يده إلى عليّ عليهالسلام ، فجذبه إليه حتّى أدخله تحت ثوبه الّذي كان عليه ، ووضع فاه على فيه ، وجعل يناجيه مناجاة طويلة ، حتّى خرجت روحه الطيّبة ، فانسلّ عليّ عليهالسلام من تحت ثيابه ، وقال : أعظم الله أجوركم في نبيّكم ، فقد قبضه الله إليه ، فارتفعت الأصوات بالضجّة والبكاء ، فقيل لأمير المؤمنين عليهالسلام : ما الّذي ناجاك به رسول الله حين أدخلك تحت ثيابه؟ فقال : علّمني ألف باب ، يفتح لي كلّ باب ألف باب. وروى هذا الخبر الفتّال النيسابوريّ في روضة الواعظين ( ٧٢ ـ ٧٥ ).
وفي كفاية الأثر ( ٣٦ ـ ٣٨ ) بسنده عن أبي ذرّ الغفاريّ ، قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله في مرضه الّذي توفي فيه ، فقال : يا أبا ذرّ ، ائتني بابنتي فاطمة.
قال : فقمت ودخلت عليها ، وقلت : يا سيّدة النسوان ، أجيبي أباك ، قال : فلبست جلبابها واتّزرت ، وخرجت حتّى دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فلمّا رأت رسول الله صلىاللهعليهوآله انكبّت عليه وبكت ، وبكى رسول الله صلىاللهعليهوآله لبكائها ، وضمّها إليه ، ثمّ قال : يا فاطمة ، لا تبكين فداك أبوك ، فأنت أوّل من تلحقين بي ، مظلومة مغصوبة ، وسوف تظهر بعدي حسيكة النفاق ، ويسمل جلباب الدين ، وأنت أوّل من يرد عليّ الحوض.