الّذي قبض فيه ، قال : يا فاطمة ، يا بنتي ، احني عليّ ، فأحنت عليه ، فناجاها ساعة ، ثمّ انكشفت عنه تبكي ، وعائشة حاضرة ، ثمّ قال رسول الله صلىاللهعليهوآله بعد ذلك ساعة : احني عليّ ، فأحنت عليه ، فناجاها ساعة ، ثمّ انكشفت عنه تضحك.
فقالت عائشة : يا بنت رسول الله ، أخبريني بما ذا ناجاك أبوك؟
قالت عليهاالسلام : أو شكت رأيته ناجاني على حال سرّ ، ثمّ ظننت أنّي أخبر بسرّه وهو حي؟! فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سرّ دونها.
فلمّا قبضه الله إليه ، قالت عائشة لفاطمة : ألا تخبريني ذلك الخبر؟
قالت عليهاالسلام : أمّا الآن فنعم ، ناجاني في المرّة الأولى فأخبرني أنّ جبرئيل كان يعارضه القرآن في كلّ عام مرّة ، وأنّه عارضه القرآن العام مرّتين ، وأنّه أخبره أنّه لم يكن نبي بعد نبي إلاّ عاش نصف عمر الّذي كان قبله ، وأنّه أخبرني أنّ عيسى عاش عشرين ومائة سنة ، ولا أراني إلاّ ذاهب على رأس الستّين ، فأبكاني ذلك ، وقال : يا بنيّة ، إنّه ليس من نساء المؤمنين أعظم رزيّة منك ، فلا تكوني أدنى من امرأة صبرا ، ثمّ ناجاني في المرّة الأخرى ، فأخبرني أنّي أوّل أهله لحوقا به ، وقال : إنّك سيّدة نساء أهل الجنّة ( كر ). وهو رمز لتهذيب تاريخ دمشق لابن عساكر.
فيتّضح من هذه المرويّات وغيرها ، المطالب الأساسيّة في هذه الطّرفة ، وأنّ عائشة شقّ عليها ما أسرّه النبي صلىاللهعليهوآله للزهراء عليهاالسلام ، وأنّ الزهراء عليهاالسلام أجابتها ببعض ما أخبرها به رسول الله ممّا يتعلّق ببكائها وضحكها ـ لئلاّ يظنّوا بها العمل العبثي والعياذ بالله كما صرح في روايات أخرى بأنّ عائشة ظنّت ذلك بالزهراء ، كما في سنن الترمذيّ ( ج ٥ ؛ ٣٦١ / الحديث ٣٩٦٤ ) والمنتقى من إتحاف السائل (٩٧) ـ وأجملت عليهاالسلام باقي ما أسرّه إليها النبي صلىاللهعليهوآله ، وأنّ عائشة علمت أنّ ما أسرّه النبي للزهراء يتعلّق بعضه بها وبحفصة وبأبيها وفاروقه.
وبعد ما سردنا من الروايات الّتي فيها إخبار النبي صلىاللهعليهوآله عند موته للزهراء وعليّ عليهماالسلام بالظلم الّذي سيحلّ بهم ، ووقوع ذلك الظلم بعد وفاته صلىاللهعليهوآله من قبل الشيخين وابنتيهما