معلوم ، ودلالة ما وقع على هذا الوجه على كراهيّة المبايع واضحة ، وأمّا إظهار التسليم ، فعند فقد كلّ ما يظنّ معه الانتصار ، ولهذا صرّح عليهالسلام عند التمكّن من القول بوجود الأنصار بأكثر ما في نفسه من ظلم القوم له ، وتقدّمهم عليه بغير حقّ ... وذلك مانع من وقوع تسليمه عن رضى.
وكذلك حقّق الموضوع العلاّمة البياضي في الصراط المستقيم ( ج ٣ ؛ ١١٣ ـ ١١٦ ) وقال من جملة كلامه : ولئن سلّم سكوته عليهالسلام فهو أعمّ من رضاه ، وقد عرف في الأصول بطلان الإجماع السكوتي ؛ إذ لا ينسب إلى ساكت قول ، بل دلالة السكوت على السخط أولى من دلالته على الرضا ، فإن قالوا : يكفي في الرضا ترك النكير ، قلنا : لا ، فإنّ السخط أسبق ؛ للإجماع على تأخّره عليهالسلام عن البيعة كراهة لها ، قالوا : وفي وصيّة النبي صلىاللهعليهوآله له عليهالسلام « أن لا توقع فتنة » ، دليل صحّة خلافتهم ، قلنا : قد أمر الله نبيّه بالصبر على أذى الكفّار ، حتّى نزلت آية السيف ، وقد أخرج صاحب جامع الأصول ، عن أبي ذرّ ، قول النبي صلىاللهعليهوآله : كيف أنتم وأئمّة من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟! قلت : أضرب بسيفي حتّى ألقاك ، قال : هل أدلّك على خير من ذلك؟ تصبر حتّى تلقاني.
وفي كشف الاشتباه (٨٨) قال : ونحن ننكر حجيّة الإجماع [ على أبي بكر ] وتحقّقه ، أمّا عدم حجيّته ؛ فلأنّ الإجماع إنّما يعتبر عندنا إذا كشف عن رضى المعصوم ، وبيعة أبي بكر لم تقترن بموافقة الإمام أمير المؤمنين ، وأمّا عدم تحقّقه ؛ فلتخلّف الإمام أمير المؤمنين وجماعة من الصحابة عن بيعة أبي بكر ؛ إذ قد اجتمعت الأمّة على أنّه تخلّف عن بيعة أبي بكر ، فالمقلّ يقول بتأخّره ثلاثة أيّام ، ومنهم من يقول : تأخّر حتّى ماتت فاطمة عليهاالسلام ، ثم بايع بعد موتها ، ومنهم من يقول : تأخّر أربعين يوما ، ومنهم من يقول : تأخّر ستّة أشهر ، والمحقّقون من أهل الإماميّة يقولون : لم يبايع ساعة قطّ. وانظر هذا الكلام في الفصول المختارة من العيون والمحاسن (٥٦) وهو اختيار الشريف المرتضى من كتاب العيون والمحاسن للشيخ المفيد.
وفي كتاب سليم (٨٩) : ثمّ قال [ عمر ] : قم يا بن أبي طالب فبايع ، فقال : فإن لم أفعل؟ قال : إذا والله نضرب عنقك ، فاحتجّ عليهم ثلاث مرّات ، ثمّ مدّ يده من غير أن يفتح كفّه ،