دلائل الإمامة ، وهذه صورته : حدّثنا أبو الحسين محمّد بن هارون بن موسى التلعكبريّ ، قال : حدّثنا أبي رضياللهعنه ، قال : حدّثنا أبو عليّ محمّد بن همّام ، قال : حدّثنا جعفر بن محمّد بن مالك الفزاريّ الكوفي ، قال : حدّثني عبد الرحمن بن سنان الصيرفي ، عن جعفر بن عليّ الحوّار ، عن الحسن بن مسكان ، عن المفضّل بن عمر الجعفي ، عن جابر الجعفي ، عن سعيد بن المسيّب ، قال : ... [ حديث طويل جدا في الكتاب الخطير الّذي كان عمر قد أودعه عند معاوية ، وفيه قول عمر ] :
فاستخرجته من داره مكرها مغصوبا ، وسقته إلى البيعة سوقا ... ولمّا دخل السقيفة صبا أبو بكر إليه ، فقلت له : قد بايعت يا أبا الحسن ، فانصرف ، فأشهد ما بايعه ولا مدّ يده إليه ... ورجع عليّ عليهالسلام من السقيفة وسألنا عنه ، فقالوا : مضى إلى قبر محمّد صلىاللهعليهوآله فجلس إليه ، فقمت أنا وأبو بكر إليه ، وجئنا نسعى ، وأبو بكر يقول : ويلك يا عمر!! ما الّذي صنعت بفاطمة ، هذا والله الخسران المبين ، فقلت : إنّ أعظم ما عليك أنّه ما بايعنا ، ولا أثق أن يتثاقل المسلمون عنه ، فقال : فما تصنع؟ فقلت : تظهر أنّه قد بايعك عند قبر محمّد صلىاللهعليهوآله ، فأتيناه وقد جعل القبر قبلة ، مسندا كفّه على تربته ، وحوله سلمان وأبو ذرّ والمقداد وعمّار وحذيفة بن اليمان ، فجلسنا بإزائه ، وأو عزت إلى أبي بكر أن يضع يده على مثل ما وضع عليّ يده ، ويقرّبها من يده ، ففعل ذلك ، وأخذت بيد أبي بكر لأمسحها على يده ، وأقول : « قد بايع » ، فقبض عليّ يده ، فقمت أنا وأبو بكر موليّا ، وأنا أقول : جزى الله عليّا خيرا فإنّه لم يمنعك البيعة لمّا حضرت قبر رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فوثب من دون الجماعة أبو ذرّ جندب بن جنادة الغفاريّ ، وهو يصيح ويقول : والله ـ يا عدوّ الله ـ ما بايع عليّ عتيقا ، ولم يزل كلّما لقينا قوما وأقبلنا على قوم نخبرهم ببيعته وأبو ذرّ يكذّبنا ، والله ما بايعنا في خلافة أبي بكر ، ولا في خلافتي ، ولا يبايع لمن بعدي ، ولا بايع من أصحابه اثنا عشر رجلا ، لا لأبي بكر ولا لي.
فالتحقيق العلمي والنصوص الّتي نقلناها ، والنصوص الأخرى الحاكية للبيعة بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، كلّها تدلّ دلالة قطعيّة على أنّ عليّا عليهالسلام لم يبايع القوم بيعة حقيقيّة ولا ساعة قطّ ، وإنّما أجبروه ولبّبوه وسحبوه ، ثمّ تركوه ، وبعد وفاة الزهراء عليهاالسلام مسحوا على يده