ونتعاقد أن لا نطيع محمّدا فيما فرض علينا من ولاية عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، بعده.
فقال لهم سالم : عليكم عهد الله وميثاقه ، إنّ في هذا الأمر كنتم تخوضون وتتناجون؟!
قالوا : أجل ، علينا عهد الله وميثاقه ، إنّما كنّا في هذا الأمر بعينه لا في شيء سواه.
قال سالم : وأنا والله أوّل من يعاقدكم على هذا الأمر ، ولا يخالفكم عليه ، إنّه ـ والله ـ ما طلعت الشمس على أهل بيت أبغض إليّ من بني هاشم ، ولا في بني هاشم أبغض إليّ ولا أمقت من عليّ بن أبي طالب عليهالسلام ، فاصنعوا في هذا الأمر ما بدا لكم ، فإنّي واحد منكم ، فتعاقدوا من وقتهم على هذا الأمر ، ثمّ تفرّقوا.
فلمّا أراد رسول الله صلىاللهعليهوآله المسيرة أتوه ، فقال لهم : فيم كنتم تتناجون في يومكم هذا ، وقد نهيتكم عن النجوى؟! فقالوا : يا رسول الله ، ما التقينا غير وقتنا هذا ، فنظر إليهم النبي صلىاللهعليهوآله مليّا ، ثمّ قال لهم : أنتم أعلم أم الله؟! ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ) (١).
ثمّ سار صلىاللهعليهوآله حتّى دخل المدينة ، واجتمع القوم جميعا ، وكتبوا بينهم صحيفة على ذكر ما تعاقدوا عليه في هذا الأمر ، وكان أوّل ما في الصحيفة النكث لولاية عليّ بن أبي طالب ، وأنّ الأمر لأبي بكر وعمر وأبي عبيدة وسالم معهم ، ليس بخارج عنهم ، وشهد بذلك أربعة وثلاثون رجلا ؛ هؤلاء أصحاب العقبة ، وعشرون رجلا آخرون ، واستودعوا الصحيفة أبا عبيدة بن الجراح ، وجعلوه أمينهم ....
قال الفتى : فأخبرني يرحمك الله عمّا كتب جميعهم في الصحيفة لأعرفه ، فقال حذيفة : حدّثتني بذلك أسماء بنت عميس الخثعمية ـ امرأة أبي بكر ـ : أنّ القوم اجتمعوا في منزل أبي بكر ، فتآمروا في ذلك ـ وأسماء تسمعهم وتسمع جميع ما يدبرونه في ذلك ـ حتّى اجتمع رأيهم على ذلك ، فأمروا سعيد بن العاص الأمويّ ، فكتب لهم الصحيفة باتّفاق منهم ، وكانت نسخة الصحيفة هذا :
__________________
(١) البقرة ؛ ١٤٠