قوله ؛ لأنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : نحن معاشر الأنبياء لا نورّث ما تركناه صدقة.
وإن ادّعى مدّع أنّ الخلافة لا تصلح إلاّ لرجل واحد من بين الناس جميعا ، وأنّها مقصورة فيه ، ولا تنبغي لغيره ـ لأنّها تتلو النبوّة ـ فقد كذب ؛ لأنّ النبي قال : أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم.
وإن ادّعى مدّع أنّه مستحقّ الإمامة والخلافة بقربه من رسول الله ، ثمّ هي مقصورة عليه وعلى عقبه ، يرثها الولد منهم والده ، ثمّ هي كذلك في كلّ عصر وكلّ زمان ، لا تصلح لغيرهم ، ولا ينبغي أن تكون لأحد سواهم ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ، فليس له ولا لولده ـ وإن دنا من النبي نسبه ـ لأنّ الله يقول ـ وقوله القاضي على كلّ أحد ـ ( إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ ) (١) ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : إنّ ذمّة المسلمين واحدة ، يسعى بها أدناهم وأقربهم ، كلّهم يد على سواهم ، فمن آمن بكتاب الله ، وأقرّ بسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقد استقام وأناب وأخذ بالصواب ، ومن كره ذلك من فعالهم ، وخالف الحقّ والكتاب ، وفارق جماعة المسلمين ، فاقتلوه ؛ فإنّ في قتله صلاحا للأمّة ، وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من جاء إلى أمّتي وهم جمع ففرّق بينهم فاقتلوه كائنا من كان من الناس ، فإنّ الاجتماع رحمة والفرقة عذاب » ، وقال : « لا تجتمع أمّتي على الضلال أبدا ، وأنّ المسلمين يد واحدة على من سواهم » ، فإنّه لا يخرج عن جماعة المسلمين إلاّ مفارق معابدهم ، ومظاهر عليهم أعداءهم ، فقد أباح الله ورسوله دمه وأحلّ قتله.
وكتب سعيد بن العاص ، باتّفاق لمن أثبت اسمه وشهادته آخر هذه الصحيفة ، في المحرم سنة عشر من الهجرة.
ثمّ دفعت الصحيفة إلى أبي عبيدة بن الجرّاح ، فوجّه بها إلى مكّة ، فلم تزل الصحيفة في الكعبة مدفونة ، إلى أن ولي الأمر عمر بن الخطّاب فاستخرجها من موضعها.
وهي الصحيفة الّتي تمنّى أمير المؤمنين عليهالسلام لما توفي عمر ، فوقف عليه وهو مسجّى بثوبه ،
__________________
(١) الحجرات ؛ ١٣