يستحقّ الرجلان أكثر من ذلك وبعد ، فما بال عائشة وحفصة ترثان رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وفاطمة عليهاالسلام ابنته تمنع الميراث؟!
فقال أبو حنيفة : يا قوم ، نحّوه عنّي فإنّه والله رافضي خبيث. وانظر رواية هذه المحادثة في الاحتجاج (٣٨٢) وكنز الفوائد ( ج ١ ؛ ٢٩٤ ـ ٢٩٥ ).
وفي الاحتجاج ( ٣٧٨ ـ ٣٧٩ ) بسنده عن الأعمش ، قال : اجتمعت الشيعة والمحكّمة عند أبي نعيم النخعي بالكوفة ، وأبو جعفر محمّد بن النعمان مؤمن الطاق حاضر ... فقال أبو جعفر مؤمن الطاق : أخبرني يا بن أبي حذرة ، عن النبي صلىاللهعليهوآله كيف ترك بيوته ـ الّتي أضافها الله إليه ونهى الناس عن دخولها إلاّ بإذنه ـ ميراثا لأهله وولده ، أو تركها صدقة على جميع المسلمين؟ قل ما شئت ، فانقطع ابن أبي حذرة لما أورد عليه ذلك ، وعرف خطأ ما فيه.
فقال أبو جعفر مؤمن الطاق : إن تركها ميراثا لولده وأزواجه ، فإنّه قبض عن تسع نسوة ، وإنّما لعائشة بنت أبي بكر تسع ثمن هذا البيت الّذي دفن فيه صاحبك [ يعني أبا بكر ] ، ولا يصيبها من البيت ذراع ، وإن كان صدقة فالبلية أطمّ وأعظم ، فإنّه لم يصب من البيت إلاّ ما لأدنى رجل من المسلمين ، فدخول بيت النبي صلىاللهعليهوآله بغير إذنه ـ في حياته وبعد وفاته ـ معصية إلاّ لعليّ بن أبي طالب عليهالسلام وولده ، فإنّ الله أحلّ لهم ما أحلّ للنبي صلىاللهعليهوآله.
هذا ، مع أنّ عائشة نفسها كانت تنكر على أزواج النبي مطالبتهن أبا بكر بالميراث ، ثمّ بعد ذلك مكّنها أبوها من حجرتها ، ففي صحيح البخاريّ ( ج ٥ ؛ ١١٥ / كتاب المغازي ) ـ باب حديث بني النضير ـ : أنّ عائشة قالت : أرسلت أزواج النبي صلىاللهعليهوآله عثمان إلى أبي بكر يسألنه ثمنهنّ ممّا أفاء الله على رسوله ، فكنت أنا أردهنّ ، فقلت لهنّ : ألا تتقين الله؟! ألم تعلمن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : ما تركناه صدقة؟!
وفي شرح النهج ( ج ١٦ ؛ ٢٢٣ ) عن عروة ، قال : سمعت عائشة تقول : أرسل أزواج النبي صلىاللهعليهوآله عثمان بن عفان إلى أبي بكر ، يسأل لهنّ ميراثهنّ من رسول الله صلىاللهعليهوآله ممّا أفاء الله عليه ، حتّى كنت أردهنّ عن ذلك ، فقلت : ألا تتقين الله؟! ألم تعلمن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يقول : لا نورّث ما تركناه صدقة ـ يريد بذلك نفسه ـ إنّما يأكل آل محمّد من هذا المال.