اتضح من خلال هذا ان الخبر الحدسي ما دام ليس حجة فالناقل لقول الامام عليهالسلام اذا كان ينقله عن حدس لا عن حس ـ كما لو فرض انه استكشف رأي الامام عليهالسلام من اتفاق مجموعة من العلماء على فتوى معينة ـ فلا يكون نقله معتبرا لانه نقل حدسي لا حسي. اجل ان نقله لاتفاق العلماء حيث انه نقل لامر حسي ـ اذ الاتفاق امر حسي ـ فيكون معتبرا ويثبت بذلك الاتفاق (١) ، وبثبوت الاتفاق يثبت رأي الامام عليهالسلام لو كان الشخص المنقول اليه يرى الملازمة بين ثبوت الاتفاق ورأي الامام عليهالسلام.
وبهذا يتضح حال الاجماعات التي ينقلها الشيخ الطوسي وغيره ، فانه كان يقول القدماء من العلماء في توجيه حجيتها : ان الشيخ الطوسي مثلا حينما يدعي الاجماع فهو ينقل ضمنا قول الامام عليهالسلام ـ ولكنه نقل بالمعنى لا بنص الالفاظ ـ فانه عليهالسلام بمقتضى قاعدة اللطف لا بد وان يكون من الموافقين لهم غاية الامر لا يكون مشخّصا ومميزا من بين بقية الاشخاص.
واجاب المتأخرون عن هذا التوجيه بان الشيخ الطوسى وان كان ناقلا لقول الامام عليهالسلام ضمن نقله للاجماع الا انه نقل حدسي وبسبب قاعدة اللطف مثلا ، وليس نقلا حسيا ليكون حجة ، فان الحجة هو خبر الثقة الحسي دون الحدسي. اجل ان الاتفاق حيث انه امر حسي فيكون نقله حجة وبثبوته يثبت
__________________
(١) طبيعي ان الاتفاق يثبت بشرط ان لا يكون الناقل ذا تسامح عند نقله للاتفاق ، فهناك بعض اذا شاهد اتفاق عشرة من العلماء على حكم معين نسب الاتفاق الى الجميع ، ان مثل هذا لا يكون نقله للاتفاق معتبرا