ومن خلال هذا العرض يتضح ان الكبرى في الخبر المتواتر هي ان الجماعة الكثيرة يستحيل اجتماعها على الكذب بينما الكبرى في باب التجربة هي ان الصدفة لا تتكرر.
وبعد التأمل يمكننا القول بان كلتا الكبريين واحدة وهي ان الصدفة لا تتكرر ، فان الجماعة الكثيرة انما يستحيل اجتماعها على الكذب من جهة استحالة تكرر الصدفة ، فان لازم اجتماع جميع المخبرين على الكذب افتراض ان مصالح جميع المخبرين قد اتفقت صدفة واقتضت الكذب ، وهذا معناه تكرر الصدفة.
وباختصار : ان المنطق الارسطي يرى أن السبب في افادة القضية التجريبية والمتواترة لليقين هو القياس المنطقي المركب من مقدمتين كبراهما قضية « الصدفة لا تتكرر » التي قال انها ضرورية لا تحتاج الى استدلال.
واما السيد الشهيد فهو يرى ان السبب لتولد اليقين في القضية المتواترة والتجريبية هو حساب الاحتمال ـ لا ما ذكره المنطق الارسطي ـ فان المخبر الاول حينما يخبر عن قصة « غدير خم » مثلا فاحتمال صدقه ثابت ولنفرضه ١% فاذا اخبر الثاني فاحتمال الصدق يقوى الى ٢% مثلا. وهكذا بكل اخبار جديد يقوى احتمال الصدق ويضعف من ذلك الجانب احتمال الكذب الى درجة الصفر او قريب منه. هذا هو منشأ حصول اليقين في القضية المتواترة وليس هو تلك القضية التي افترضها المنطق الارسطي وهي « الصدفة لا تتكرر ».
__________________
ـ الاولية الضرورية