بتحقق الموضوع خارجا ، بعد ان عرفنا كل هذا فلا نقع في الاشتباه ، اذ قصد الامتثال وان كان متأخرا عن الامر ولكنه متأخر عنه بوجوده الخارجي ، فلو اخذ في متعلق الامر يلزم تقدمه ولكن بوجوده التصوري ـ اذ الجعل يتوقف على تصور المتعلق اولا ـ لا بوجوده الخارجي حتى يلزم الدور اذ الذي يلزم تقدمه بوجوده الخارجي هو الموضوع لا المتعلق.
يمكن توضيح هذا البرهان ببيانين يرجعان الى روح واحدة :
أ ـ ان لازم تعلق الامر بالصلاة المقيدة بقصد الامتثال صيرورة الامر بالصلاة محركا نحو محركية نفسه ، اذ معنى قصد امتثال الامر هو محركية الامر نحو الفعل ، فقصد امتثال الامر بالصلاة معناه ان المحرك نحو الصلاة هو الامر بها ، وعلى هذا يمكننا ابدال جملة « قصد امتثال الامر بالصلاة » بجملة « محركية الامر بالصلاة نحو الصلاة ». وعلى ضوء هذا فلو قال المولى تجب الصلاة المقيدة بقصد الامتثال فمعناه ان الامر بالصلاة سوف يحرك نحو شيئين فهو يحرك نحو ذات الصلاة ويحرك نحو قصد الامتثال ، وبما ان قصد الامتثال معناه محركية الامر فسوف يكون الامر بالصلاة محركا نحو قصد امتثاله اي نحو محركية نفس الامر بالصلاة ، وهذا هو ما قلناه من لزوم صيرورة الامر بالصلاة محركا نحو محركية نفسه وهو غير معقول فان المعقول هو التحريك نحو الفعل لا نحو محركية وعليّة نفسه اذ الشيء اذا لم يقبل ان يكون علة لنفسه فبالاولى لا يقبل ان يكون علة لعليّة نفسه (١)
ب ـ ان قصد امتثال الامر (٢) لا يمكن ان يتحقق الا اذا اتى المكلف بتمام
__________________
(١) هذا البيان مذكور في كلمات الشيخ الاصفهاني في نهاية الدراية ج ١ ص ١٣٢
(٢) هذا البيان مذكور في كلمات الاصوليين كوجه مستقل لا كبيان آخر