الواضح ان مسألتنا هذه وهي مسألة الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدمته من المسائل القديمة والاصيلة في علم الاصول ولسنا مبالغين اذا قلنا هي اقدم مسألة فيه ، وبالرغم من ذلك وقع تشكيك في اصوليتها باعتبار انه يلزم في المسألة الاصولية استنباط حكم شرعي منها ، ومسألة الملازمة ليست كذلك ، فان القول بثبوت الملازمة وان استنبط بواسطته ثبوت الوجوب الشرعي للمقدمة كوجوب السفر الى مكة ونحوه ولكن هذا المقدار لا يكفي في اصولية المسألة فانه ذكرنا في البحث السابق ان الوجوب الغيري الثابت للمقدمة لا يحرك تحريكا استقلاليا كما وانه لا عقاب على مخالفته ولا ثواب على موافقته ، ومعه فلا يكون متضمنا لروح الحكم وانما يحمل اسمه فقط ، فان روح الحكم عبارة عن كونه محركا وموجبا للثواب والعقاب والا فهو كالقشر بلا لب وكاللفظ بلا معنى ، وواضح ان المسألة تصير اصولية فيما لو كانت تحصّل حكما شرعيا يشتمل على روح الحكم وحقيقته ولا يكفي تحصيلها لاسم الحكم دون روحه ، ومن هنا اخذ الاصوليون بتصوير ثمرة مسألة الملازمة ، وقد ذكر في الكتاب ثمرتان لذلك.
ولتوضيحها نذكر مقدمة تشتمل على نقاط ثلاث هي :
١ ـ قرأنا فيما سبق الفرق بين مصطلحي التعارض والتزاحم ، فان الحكمين تارة يتكاذبان في مقام الجعل بحيث اذا كان احدهما صادرا من الشارع فلا يمكن صدور الثاني منه ، كما لو قال احد الدليلين تجب صلاة الجمعة زمن الغيبة والثاني يقول تحرم الجمعة زمن الغيبة فان الدليل الاول اذا كان صادرا من الشارع فلا يمكن صدور الثاني منه والعكس بالعكس ، ومثل هذه الحالة تسمى بحالة
__________________
(١) هذه الثمرة لم تذكر في الكتب الاصولية الاخرى بل ولم يذكرها قدّس سره في تقرير درسه