بالعنوان المذكور ، فقد تكلم قدّس سره في اواخر الجزء الثاني من الحلقة الثالثة عن معنى الحكومة ولكنه لم يقسمها الى الظاهرية والواقعية. ونحن نشير باختصار الى هذا المصطلح وكيفية مناقشة هذا التفصيل على ضوئه.
ان الدليل الحاكم هو الدليل الموسع او المضيق لموضوع الدليل الآخر ، فمثلا دليل « الطواف بالبيت صلاة » (١) يوسع من دائرة شرائط الصلاة ، فكما ان الوضوء وطهارة الثوب والبدن وغير ذلك هي شرائط للصلاة كذلك هي شرائط للطواف للدليل المذكور. وهذه التوسعة التي يقوم بها دليل « الطواف بالبيت صلاة » في حق دليل شرائط الصلاة هي عبارة اخرى عن الحكومة ، والدليل الاول يسمى بالحاكم والثاني بالمحكوم.
ثم ان التوسعة التي يقوم بها الدليل الحاكم تارة تكون توسعة حقيقية بمعنى عدم تقيدها بعدم انكشاف الخلاف واخرى ظاهرية بمعنى تقيدها بذلك ، فالحكومة في المثال الذي ذكرناه آنفا واقعية فان دليل « الطواف بالبيت صلاة » يوسع شرائط الصلاة ويعممها للطواف حقيقة وواقعا وبلا تعليق على شرط ، وهذا بخلافه في قاعدة الطهارة فانها وان كانت تجعل طهارة ظاهرية وتوسع من دائرة الشرطية الا ان هذه الحكومة والتوسعة ظاهرية ، بمعنى ان دليل قاعدة الطهارة لا يثبت الطهارة واقعا وحقيقة وانما يأمر بترتيب آثار الطهارة ما دام لم ينكشف الخلاف ، فاذا انكشف الخلاف واتضحت نجاسة الثوب واقعا فلا تكون تلك الآثار مترتبة بل منتفية منذ البداية.
__________________
(١) سنن البيهقي ج ٥ ص ٨٧ ، كنز العمال ج ٣ ص ١٠