وقد تسأل : هل يمكن في القسم الثاني تحوّل الاطمئنان بصدور واحدة من القضايا الى يقين او لا يمكن ذلك كما لم يمكن في القسم الثالث؟ قد يقال بعدم الامكان بتقريب : ان الاخبار المنقولة في الدنيا كثيرة جدا ، ونحن نعلم بان (١٠٠) من تلك الاخبار كاذب جزما ـ اذ ما اكثر الاخبار الكاذبة ولا اقل من الاخبار المنقولة في قصة الف ليلة وليلة ـ ومعه يلزم ان لا يحصل يقين بعدم كذب جميع القضايا المائة التي ترتبط بحاتم ، اذ هذه المائة لو جزمنا بعدم كذب جميعها فيلزم ان نجزم بعدم كذب كل مائة من المئات الاخرى ايضا لعدم الفرق بين هذه المائة وبقية المئات ، وبالتالي يلزم ان يبقى ذلك المعلوم بالاجمال ـ وهو كذب (١٠٠) خبر في الدنيا ـ بلا مصداق ، لانه لا توجد مئة يحتمل كذب جميعها. هكذا قد يقرر عدم امكان تحوّل الاطمئنان الى يقين ، ولكنه باطل لانا وان كنا نجزم بكذب (١٠٠) خبر في الدنيا ولكن لا نجزم بان تلك المائة هي من المئات المشتركة في مدلول التزامي او تضمني واحد ، فيمكن ان تكون تلك المئة من المئات العشوائية اي التي لا تشترك في مدلول التزامي او تضمني واحد ، ومن الواضح ان الاطمئنان الذي ندعي تحوله الى يقين انما ندعي تحوله فيما اذا كان بين الاخبار المائة امر مشترك دونما اذا لم يكن.
وباختصار : ان المائة التي تشترك في امر واحد ـ ككرم حاتم ـ يتحول الاطمئنان فيها الى يقين وتبقى بقية المئات الاخرى مجالا لاحتمال انطباق تلك المائة الكاذبة عليها.
قوله ص ٢٠٨ س ٤ الحالة الثالثة ... الخ : وفي هذا القسم الذي ذكره في