متعارضان (١) اي يحصل بينهما تكاذب في مقام الجعل ، فان ثبوتهما معا ما دام ممتنعا فلا يمكن صدورهما من المولى بل لا بدّ وان يكون الصادر احدهما.
واذا دخلا في باب التعارض فاللازم تقديم اقوى الحكمين. ولكن ما هو الاقوى؟ ذكر الاصوليون انه النهي لان اطلاق لا تغصب شمولي ، اي هو يقول لا يجوز اي فرد من افراد الغصب بينما اطلاق صل بدلي ، اي هو يقول يجب فرد واحد من افراد الصلاة دون جميعها ، وما دام الاول شموليا والثاني بدليا فالمقدم هو الاول لاقوائية الشمولية من البدلية. هذا كله لو قلنا بامتناع الاجتماع.
واما لو قلنا بجوازه ـ بدعوى ان الاحكام تتعلق بالعناوين او تتعلق بالمعنون مع افتراض تعدده بتعدد العنوان ـ فالدليلان كصل ولا تغصب لا يكونان متعارضين لانه بعد فرض جواز الاجتماع يكون صدورهما معا من المولى امرا ممكنا. وهل يصيران متزاحمين؟ ان فرضنا ان بالامكان الخروج من المغصوب واداء الصلاة في مكان آخر فلا يتحقق التزاحم لانه انما يتحقق فيما اذا لم يقدر المكلف على امتثال كلا الحكمين ، اما اذا امكنه (٢) فلا يتحقق. اجل اذا لم يمكن الخروج تحقق التزاحم لعدم امكان امتثال الحكمين معا فيقدم الاهم منهما.
وباختصار : بناء على الامتناع يتحقق التعارض ، وبناء على الجواز يتحقق التزاحم ان لم تكن مندوحة ، ومع المندوحة فلا تعارض ولا تزاحم.
والثمرة الثانية تظهر في صحة العمل وفساده كما سنوضح. وهذه الثمرة ـ كما
__________________
(١) طبيعي ليس المقصود من ثبوت التعارض ثبوته بين ذات صل وذات لا تغصب اذ لا معارضة بين الذاتين بل يقصد ثبوته بين الاطلاقين اي ان اطلاق صل وشموله لكل صلاة بما في ذلك الصلاة في المغصوب يتعارض مع اطلاق لا تغصب وشموله لكل غصب بما في ذلك الغصب المتمثل بالصلاة
(٢) ويعبر عن امكان الخروج بالمندوحة فانها تعني المجال والسعة