للصلاة هي السبب في وجود الصلاة (١) ، ومن الواضح ان المكلف اذا دخل المسجد ورأى النجاسة فيه واخذ يشتغل بالازالة فلازم ذلك عدم كونه مريدا للصلاة اذ لو كان يريدها لأوجدها ولما اشتغل بالازالة ، فاذا اشتغل بالازالة ولم يأت بالصلاة كان ذلك كاشفا عن عدم ارادته للصلاة.
وان شئت قلت : ان المقتضي للصلاة اما ان يكون موجودا او لا ، فان كان موجودا فمن اللازم تحقق الصلاة وترك الازالة ، وان لم يكن موجودا فلا يمكن عدّ الازالة مانعة من تأثير المقتضي اذ لا مقتضي للصلاة على الفرض حتى يمكن ان تمنع الازالة من تأثيره.
قد يقال : ان هذا الكلام ـ وهو ان الازالة لا يمكن ان تكون مانعة باعتبار انه مع تحققها لا يمكن تحقق المقتضي للصلاة لتكون الازالة مانعة من تأثيره ـ وان كان وجيها الا انه يوجد ما يمنع من التصديق به حيث نشعر بالوجدان ان الازالة لا تجتمع مع الصلاة ، وما دامت لا تجتمع معها فيصح ان يقال ان الازالة مانعة من الصلاة.
والجواب : ان كلمة « المانع » لها معنيان ، فتارة تستعمل ويراد منها ما يمنع المقتضي من التأثير كما في الرطوبة حيث انها تمنع النار من تأثيرها ، واخرى تطلق ويراد منها المنافر الوجودي كما في السواد والبياض ، فان كل واحد منهما يمنع من وجود الآخر وينافره ولا يمكن ان يجتمع معه. واذا اتضح هذا نقول : ان كان
__________________
(١) قد يقال : ان المقتضي للصلاة ليس هو ارادة المكلف بل الوجوب الشرعي للصلاة ولكنه باطل ، فان المقتضي هو ما يوجد الاثر ، ومن الواضح ان الموجد للصلاة ليس هو وجوبها بل ارادة المكلف لها ، اجل الوجوب الشرعي داع لتحقق ارادة المكلف لا انه الموجد لها