الا تحريك المكلف نحو الصدق ونحن ما دمنا قد فرضنا حكم العقل بحسن الصدق فيكفي ذلك لتحريك المكلف نحو فعل الصدق بلا حاجة الى حكم الشارع بوجوبه بل لا يمكن ذلك لانه اشبه بتحصيل الحاصل ، اذ ما دام المكلف متحركا نحو الصدق فحكم الشارع بوجوبه يكون من قبيل تحريك المتحرك (١).
وفيه : ان محذور اللغوية وتحصيل الحاصل غير لازم لان حكم العقل بالحسن وان كان قد يحرك المكلف نحو فعل الصدق ولكن محركية هذا الحسن العقلي لربما تكون بدرجة ضعيفة لا يهتم المكلف معها بالصدق بينما لو حكم الشارع بالوجوب قويت تلك المحركية وصارت سببا لاقدام المكلف على الصدق ، والشارع المقدس اذا كان مهتما بالصدق ويريد التحرك نحوه فمن اللازم ان يحكم بوجوبه.
والخلاصة من كل هذا هي :
١ ـ اذا حكم العقل بتحقق المصلحة في شيء فيلزم حكم الشارع بالوجوب مع القطع بتحقق الشرائط وفقدان الموانع الا ان تحقق مثل هذا القطع بعيد جدا.
٢ ـ اذا حكم العقل بحسن الصدق مثلا فلا يلزم حكم الشارع بالوجوب لان حكم العقل بالحسن ان كان بمعنى ادراكه لذلك واقعا فاقصى ما يلزم ادراك الشارع للحسن ايضا ولا يلزم حكمه بالوجوب ، وان كان بمعنى اثبات الحسن فنكتة الملازمة ان كانت هي ان حكم العقل بالحسن ينشأ من المصلحة فذاك
__________________
(١) هكذا ذكر الشيخ العراقي في نهاية الافكار ج ٣ ص ٣٧ والسيد الخوئي في مصباح الاصول ج ٢ ص ٢٦