ذكرنا فيما سبق ان اية النبأ يمكن الاستدلال بها على حجية خبر العادل بمفهوم الشرط تارة ومفهوم الوصف اخرى. وفيما سبق كنا نتحدث عن التقريب الاول وهو مفهوم الشرط ، ومن الآن نريد التمسك بمفهوم الوصف (١). وتقريب ذلك : ان كلمة « فاسق » وصف يدل بالمفهوم على انه اذا جاءكم عادل بنبأ فلا تتبينوا ، وهذا هو مطلوبنا. ولأجل ان يتم هذا التقريب لا بد وان نبني على احد امرين :
ا ـ ثبوت المفهوم للوصف خلافا لما تقدم في مبحث الوصف ـ وهو المشهور ايضا ـ من عدم ثبوته.
ب ـ ثبوت المفهوم لوصف الفاسق في خصوص الآية الكريمة ـ وان لم يكن له ذلك في سائر الموارد ـ باعتبار ان لازم عدم ثبوت المفهوم له وجوب التبين عن خبر العادل كما يجب عن خبر الفاسق ، ومع ثبوته نسأل : هل ان وجوب التبين
__________________
ـ ومن المحتمل ارادة عدم العلم منها
(١) ينبغى الالتفات الى انه اذا اردنا اخذ المفهوم من الشرط غيّرنا الشرط والجزاء فقط دون غيرهما ، فحينما نقول : اذا جاءك زيد فاكرمه فالشرط « اذا جاءك » والجزاء « فاكرمه » وحينما نأخذ المفهوم نغيرهما ونقول : اذا لم يجىء زيد فلا تكرمه ، واما في مفهوم الوصف فنغير الحكم والوصف ففي قولنا اكرم الرجل العالم يصير المفهوم لا تكرم الرجل الجاهل. وباتضاح هذا نأتي الى الآية الكريمة ، فالمفهوم فيها ان اردنا اخذه من الشرط صار المعنى : ان لم يجيء الفاسق بنبأ فلا تتبينوا ، بينما لو اردنا اخذه من الوصف صار المعنى : ان جائكم عادل بنبأ فلا تتبينوا. اذن لو اردنا اخذ المفهوم من الوصف فالشرط لا نغيره بل نغير وصف الفاسق الى العادل ، واما اذا اردنا اخذه من الشرط فالوصف لا نغيره بل نغير الشرط