فبعض الناس قد يتعلم احكاما يعتقد خطأ انها احكام شرعية ولكنها ليست من الشرع في شيء ، ان تعلم مثل هذه الاحكام ليس تفقها ، وانما التفقه تعلم الاحكام التي هي من الشرع حتما. وبعد هذا نقول : ان الآية اوجبت انذار الاحكام الفقهية ، اي انذار الاحكام التي هي من الشرع حتما ، وبعد تحقق الانذار المذكور أوجبت الحذر. اذن الحذر لا يجب الا اذا احرز الشخص المتخلف في البلد ان المنذر قد انذره بالاحكام الشرعية دون التوهمية. وهذا هو المطلوب ، اذ ثبت ان الحذر لا يجب الا بعد تحقق العلم بكون الاحكام احكاما شرعية ، فتحقق العلم شرط في وجوب الحذر.
ثم ان حاصل المناقشتين يرجع الى عدم وجود اطلاق في الاية يستفاد منه وجوب الحذر في حالة عدم حصول العلم.
والفرق بين المناقشتين ان الاولى كانت تدعي عدم وجود اطلاق في الآية بدون ان تدعي استفادة التقييد ، بينما الثانية تدعي مضافا الى عدم وجود الاطلاق امكان استفادة تقييد وجوب الحذر بحالة العلم.
واما المقدمة الثالثة ـ وهي ان وجوب الحذر الشامل لحالة عدم حصول العلم يدل على حجية الانذار تعبدا ـ فيرد عليها انا لو سلمنا دلالة وجوب الحذر مطلقا على حجية الانذار تعبدا يمكننا ان نقول ان حجية الانذار تعبدا لا تلازم حجية الخبر ، فلعل الانذار حجة بدون ان يكون الخبر حجة. ويمكن ايضاح ذلك بوجهين :
١ ـ ان الانذار عنوان اخر غير عنوان الاخبار ، فانه ـ الانذار ـ وان كان