البراءة؟
إنّ بالإمكان إبداء تفصيل حاصله : إنّا عرفنا أنّ الدوران بين التعيين والتخيير يحتاج إلى وجود مفهومين بينهما تغاير في عالم المفهوميّة. وتغاير المفهومين له حالتان : ـ
أ ـ أن يكون التغاير بينهما ثابتا بسبب اختلاف كيفية اللحاظ. مثال ذلك : مفهوم الحيوان ومفهوم الإنسان ، فإنّ مفهوم الحيوان على الرغم من كونه جزء من مفهوم الإنسان ، نشعر بوجود تغاير بينهما ، فمن أين نشأ هذا التغاير؟ إنّه نشأ من كيفية اللحاظ فإنّا لا نلحظ مفهوم الإنسان بما هو مركّب من مفهومين : الحيوان وزيادة ، كلاّ ، وإنّما نلحظه بما هو شيء واحد ، إنّ هذه الملاحظة هي التي صارت سببا للتغاير بين مفهوم الحيوان ومفهوم الإنسان.
وإن شئت استيضاحها أكثر فخذ بالمقارنة بين أربعة مفاهيم ، فقارن بين مفهوم الحيوان ومفهوم الحيوان الناطق ، هذا من ناحية ، وبين مفهوم الحيوان ومفهوم الأنسان من ناحية اخرى. هل تجد بعد التأمل في المقارنتين وجود فارق بينهما؟
أجل في المقارنة الاولى لا نجد تغايرا بين مفهوم الحيوان ومفهوم الحيوان الناطق ، فإنّ المفهوم الثاني نفس المفهوم الأوّل مع زيادة إلاّ ان إنضمام الزيادة لا يستوجب تغايرا ، نظير ما إذا كان أمامنا كتاب المكاسب وحده ثم وضعنا الى جنبه كتاب الكفاية فهل بوضع كتاب الكفاية الى جانب المكاسب يتغير كتاب المكاسب؟ كلا لا يحصل تغير فيه ، كذلك الحال في مفهوم الحيوان الناطق فإنّه نفس مفهم الحيوان مع زيادة وليس بينهما تغاير.