ويمكن أن يقال في تقريب الاستصحاب لإثبات البراءة انّه لو نظرنا الى زمان ما قبل دخول الوقت أو ما قبل التشريع الاسلامي أو الى صدر التشريع لجزمنا بعدم ثبوت الوجوب لا للتسعة أجزاء ولا للعشرة ، فإذا دخل الوقت جزمنا بانتقاض عدم ثبوت الوجوب للتسعة الى اليقين بثبوت الوجوب لها ، وأمّا عدم ثبوت الوجوب للعشرة ـ أو بالأحرى عدم ثبوت الوجوب للجزء للعاشر ـ فلا نجزم بانتقاضه بل نحتمل بقائه على العدم فيجري استصحاب بقائه. وبذلك تثبت نتيجة البراءة ، أي انتفاء وجوب العشرة أو بعبارة اخرى انتفاء وجوب الجزء العاشر ، وهو المطلوب.
وقد يقال انّ هذا الاستصحاب معارض باستصحاب آخر وهو استصحاب عدم تعلق الوجوب الاستقلالي بالتسعة ، فإنّه قبل دخول الوقت كنا نجزم بعدم تعلق الوجوب الاستقلالي بالتسعة ، فإذا دخل الوقت حصل الشكّ في تعلق الوجوب الاستقلالي بالتسعة ـ فإنّ التسعة بعد دخول الوقت وإن كنا نجزم بوجوبها ولكن بوجوب أعم من الاستقلالي والضمني ، وأمّا خصوص الوجوب الاستقلالي فلا نجزم بثبوته لها ـ فيجري استصحاب بقائه على العدم.
والجواب عن هذه المعارضة : إن استصحاب عدم تعلّق الوجوب الاستقلالي بالتسعة لا يجري ، إذ الغرض منه إن كان هو إثبات تعلّق الوجوب الاستقلالي بالعشرة أو بالأحرى ثبوت الوجوب للجزء العاشر ، فهذا أصل مثبت إذ لم تدلّ آية ولا رواية على أنّ الوجوب الاستقلالي إذا لم يثبت للتسعة