ويمكن مناقشة الدليل المذكور بما يلي : ـ
أ ـ نسأل الأصفهاني عن حقّ الطاعة الثابت له سبحانه هل يرى شموله للتكاليف المحتملة أو يختص بالتكاليف المقطوعة؟ فإنّ كان يختار الأوّل فلازم ذلك أن يكون احتمال التكليف صالحا لتحريك المكلّف نحو الامتثال ولا يختص لزوم التحرّك بحالة العلم بالتكليف وبالتالي فما ذكره من اختصاص التكليف الحقيقي بالعالم لا يكون له وجه.
وإن كان يختار الثاني فقاعدة قبح العقاب تكون تامّة ولكن لا يحتاج البرهنة عليها إلى هذا التطويل ؛ إذ يكفي أن يقال إنّه قبل البيان لا يصحّ العقاب على التكليف لعدم الحقّ له سبحانه في التكاليف المحتملة بلا حاجة إلى تقسيم التكليف إلى إنشائي وحقيقي وأنّ الحقيقي يختصّ بالعالم ...
وبهذا يتّضح أنّ جهودنا لا بدّ من توجيهها إلى تحديد دائرة حقّ الطاعة والبحث عن ذلك ، فإن قلنا باختصاصها بالتكاليف المقطوعة ثبتت بذلك قاعدة قبح العقاب من جهة عدم ثبوت الحقّ له سبحانه في التكاليف المحتملة ، وإن قلنا بعموميتها للتكاليف المحتملة كانت قاعدة قبح العقاب باطلة لأنّه سبحانه له حقّ الطاعة في التكاليف المحتملة أيضا.
ب ـ ما هو المقصود من التكليف الحقيقي فهل يراد به التكليف الناشئ عن إرادة ومصلحة أو التكليف الناشئ بداعي التحريك؟ وعلى الأوّل فما ذكره من اختصاص التكليف الحقيقي بالعالم باطل ، فإنّ التكليف الناشئ عن إرادة