فامّا ان يؤخذ بإطلاق المنطوقين والقول بانّ كل واحد من الشرطين علّة تامّة ، ولازم ذلك تقييد إطلاق المفهومين ، أو ان يؤخذ بإطلاق المفهومين والقول بانّ العلّة للتقصير واحدة ، ولازم ذلك تقييد إطلاق المنطوقين.
وعليه فالمعارضة في الحقيقة هي بين إطلاق المنطوقين وإطلاق المفهومين. والنسبة بينهما هي العموم من وجه.
ومادة المعارضة بينهما هي ما إذا تحقق أحد الشرطين بدون الشرط الثاني فإذا تحقق خفاء الاذان وحده يحصل التعارض بينهما لأنّ إطلاق منطوق الاولى يقول التقصير واجب بينما إطلاق مفهوم الجملة الثانية يقول هو ليس بواجب ، وهكذا إذا تحقق شرط الجملة الثانية وحده فانّه يتحقق التعارض ، فإذا تحقق خفاء الجدران وحده فإطلاق منطوق الجملة الثانية يقول يجب التقصير بينما إطلاق مفهوم الجملة الاولى يقول لا يجب التقصير ، فللتعارض إذن مادتان ، الاولى حالة تحقق الشرط الأوّل وحده ، والثانية حالة تحقق الشرط الثاني وحده.
وامّا مادة عدم التعارض فهي ما إذا تحقق كلا الشرطين ، فانّ منطوق كل واحدة من الجملتين يقول يجب التقصير ، ومفهوم كل واحدة لا يأبى ذلك (١).
ومن كل هذا نخرج بهذه النتيجة وهي انّ الجمع العرفي متعذر في المقام ، فانّ الجمع العرفي موقوف على أخصية المنطوق أو أظهريته ، وقد اتضح بطلان الأخصية وبطلان الأظهرية.
__________________
(١) لا يخفى انّ التعارض بنحو العموم من وجه هنا يختلف عنه في سائر الموارد ، ففي سائر الموارد مادة التعارض واحدة ومادة عدم التعارض متعددة ، وامّا هنا فمادة التعارض متعددة بينما مادة عدم التعارض واحدة. وهذا يمكن عدّه من الالغاز العلمية.