اما مجرد مفارق عن المادة كالواجب تعالى والعقول الكلية واما مقارن ، والمقارن اما مقارن للمادة فى فعله فقط كالنفوس الناطقة او مقارن فى فعله وذاته معا كالصور الحالة فى المواد والاعراض الحالة فى الاجسام ، والمراد هنا هو المقارن للمادة فى فعله مطلقا سواء كان فى ذاته مقارنا أم لا ، وهو محتاج الى المادة فى الفعل والتأثير بمعنى انه لا يمكن ان يؤثر الا بالمادة فتكون المادة آلة له فى فعله واسطة بينه وبين المنفعل فى وصول اثره إليه ، والمادة لا تنفك عن الوضع وله معان تأتى فى المسألة السابعة فى آخر المقصد الثانى ، والمراد به هاهنا كون الشيء الفاعل محاذيا للشىء المنفعل على قرب يصل اثره إليه ، والمعنى المذكور فى الشرح لازم اعم له وهو احد معانى الوضع فاذن لا يؤثر المقارن للمادة فى شيء الا بالوضع لانه لو أثر من دون الوضع لزم ان يكون مفارقا عنها فى فعله وهذا خلف ظاهر
ومن هذا يظهر ان المقارن للمادة لا يؤثر فى المجرد المفارق عنها لعدم هذا الوضع الخاص بينهما.
ان قلت : وعلى هذا فلا تنفعل الماديات عن المبادى العالية وهو باطل ، قلت : قد علمت ان مناط اشتراط الوضع هو الاحتياج الى توسط المادة والمفارق فى فعله لا يحتاج الى توسطها ، وكذا المادة فى انفعالها لا تحتاج إليه لانها منفعلة بنفسها لا بواسطة مادة اخرى فاذن يؤثر المفارق فى المقارن من دون وضع بينهما بخلاف ما اذا كان المقارن مؤثرا فانه لا بدّ من وضع مخصوص بينه وبين منفعله.
المسألة الثانية عشرة
( فى تناهى تاثير المقارن مدة وعدة وشدة )
قول الشارح : والتناهى عطف على الوضع ـ لازم هذا العطف توقف تأثير المقارن على التناهى كتوقفه على الوضع وهذا لا يستقيم لان التأثير ليس مشروطا متوقفا على التناهى لان تناهى الآثار متأخر عن التأثير والمتأخر لا يمكن ان يكون شرطا للمتقدم : نعم تناهى الآثار لازم لتأثير المقارن ، ولعل فى الكلام كناية وهى