ولا يغفل عن ان التى لا تستغنى فى وجودها عن الصورة هى المادة الاولى التى ليست الا قوة محضة لا فعلية لها بوجه من الوجوه وهى التى يطلق عليها المادة بالحقيقة ، واما المواد الثوانى كالعناصر مثلا فانها فى وجود انفسها لا تحتاج الى الصور اذ لها فعلية من وجوه بل تحتاج إليها فى صيرورتها اشياء اخر فان العناصر تحتاج فى صيرورتها شجرة مثلا الى الصورة الشجرية حتى تتحقق لها فعلية غير ما لها من الفعليات ، ومواد الصور الصناعية أيضا كذلك فى احتياجها الى تلك الصور فى ان تصير اشياء صناعية وفى استغنائها عنها فى وجود انفسها ، ولا يخفى ان الموضوع كالمادة الثانية فى ذلك فان الجسم مستغن عن البياض مثلا من حيث كونه جسما ومحتاج إليه فى صيرورته ابيض ، والحاصل ان المادة الاولى محتاجة فى وجودها الى الحال مطلقا ، واما المواد الثوانى سواء كانت صورها طبيعية او صناعية وكذلك الموضوعات فمستغنية فى وجود انفسها ومرتبة فعليتها عن الحال ومحتاجة فى صيرورتها اشياء اخر إليها بحسب فقدانها لفعلياتها.
فالمادة الاولى والمادة الثانية بقسميها والموضوع بعد اختلافها فيما ذكر تشترك فى ان كلا منها جزء مادى للمركب من الحال والمحل فان الجسم جزء مادى وعلة مادية للابيض المركب منه ومن البياض والبياض جزء صورى وعلة صورية للابيض من حيث هو ابيض كما ان الهيولى الاولى جزء مادى وعلة مادية للجسم والصورة الجسمية جزء صورى وعلة صورية له وكذلك المادة الثانية ، فلذلك لم يعدوا الموضوع علة خامسة لاشتراكه وشباهته مع المادة فى كونه علة مادية للمركب ، وهذا معنى قول المصنف : والموضوع كالمادة ذكره لدفع توهم اختصاص العلة المادية بالمادة ولبيان ان الموضوع أيضا علة مادية وان لم يكن مادة.
المسألة السابعة عشرة
( فى بقية تلك المباحث )
قول المصنف وافتقار الاثر انما هو فى احد طرفيه ـ هذا البحث قد سبق