الماهية منشأ للعدم وهذا حق لا مرية فيه اذ الوجود المحدود من حيث هو محدود يستلزم العدم اى عدم امور عن الممكن الموجود وحيث لا حد له كالواجب تعالى فلا يتصور هناك حيثية العدم وحاصل الامر ان الوجود هو الخير والعدم الّذي منشأه الماهية هو الشر وان كانت الماهية من حيث هى هى لا توصف بالشرية والخيرية كما ان منشئيتها للعدم والشر انما هو باعتبار وجودها لانها من حيث هى هى لا تكون منشأ له بل باعتبار انها حد لوجود ما وهاهنا سر راجع الى القضاء والقدر اشار إليه صدر المتالهين رحمهالله فى مباحث العلة والمعلول من الاسفار عند ذكر هذا المطلب وليس هاهنا موضع ذكره.
الخامس : ان للثنوية شبهة هى ان الخيرات لا بدّ ان تصدر من مبدأ خير والشرور من مبدأ شر لوجوب المناسبة بين المبدأ والصادر فيجب الالتزام بمبدإ ذى حيثيتين وهذا ينافى احدية الواجب او مبدءين وهذا ينافى واحديته والجواب اتضح بما مر من البيان حيث لا وجود للشر فى الاعيان حتى نطلب له مبدأ موجودا فالمبدأ احد واحد والصادر منه الخير لا غير واما الشرور الاضافية فمن الممكن ان يكون فيها امر وجودى الا انه ليس شرا فى نفسه بل بالإضافة والاعتبار.
السادس : ان فى المسألة مذهبين الاول لارسطو وهو ان الامور تتصور من حيث الخيرية والشرية على خمسة ضروب : الخير المحض والشر المحض والغالب خيره والغالب شره والمتساوى شره وخيره والموجود فى الخارج على حسب البرهان والوجد ان الاول والثالث وكلاهما صادر ان من مبدأ واحد هو خير محض اما الاول فظاهر واما الثانى فعدم صدوره شر كثير لان منع الخير الاكثرى شر اكثرى وهو لا يليق بالخير المحض والمذهب الثانى لافلاطون وهو ان الصادر خير لا غير لما بيناه ويمكن التوفيق بينهما بان افلاطون ناظر الى الخير والشر الحقيقيين وارسطو ناظر الى الاضافة اى ناظر الى الاشياء مع النظر الى الارتباطات التى بينها حيث نظر الى النار مثلا فوجد فيها خيرات كثيرة فى جنبها شرور قليلة فذهب الى ما ذهب ولكن النار من حيث هى نار اى موجود له آثار مخصوصة خير لا شر فيها