اقول : فى هذا الوجه نظر اذ لا يلزم من ذلك عدم لحوق السريع بالبطيء اذ لا ينكر على القول بالجزء ان السريع اذا قطع جزء من المسافة قطع البطيء أيضا جزء منها ، ولكن السريع يقطع جزء فى زمان اقصر من زمان يقطع فيه البطيء جزء فاذا قطع البطيء الف جزء مثلا فى ساعة قطع السريع الفى جزء فى ساعة اذا كانت سرعته ضعف سرعة البطيء مثلا فحينئذ يصل السريع إليه بعد ساعة من اوّل حركته فيما اذا كان السريع تحرك بعد حركة البطيء بساعة.
قوله : لانه لا يمكن قطعها الخ ـ الاولى فى تقريرها ان يقال : ان المتحرك على مسافة انما يقطعها جزء بعد جزء لامتناع الطفرة فى المكان لما يأتى عن قريب فلو كانت مركبة من اجزاء غير متناهية فالى متى سار عليها لم يصل الى منتهاها لعدم تناهيها فلا يمكنه ان يقطع مسافة من المسافات فى زمان متناه.
ثم الفرق بين هذا الوجه والوجه الثانى ان ذاك يحتاج الى فرض المتحركين السريع والبطيء بخلاف هذا ، وان التالى الفاسد فى ذاك عدم لحوق السريع بالبطيء ابدا وفى هذا عدم قطع المسافة فى زمان متناه ، وان ذاك اخذ فيه زمان فاصل بين ابتداء الحركتين وان هذا اخذ فيه نفس زمان الحركة فلا وجه لقول الشارح العلامة رحمهالله : هذا قريب من الوجه الثانى ولا لقول الشارح القوشجى تبعا لصاحب المواقف : الاولى ان يجعل هذا وذاك وجها واحدا.
اقول : ان بطلان عدم تجزئة الجسم وان وصل فى الصغر الى ما وصل بالمعنى الّذي ذهب إليه الفريقان الاولان بديهى لا يحتاج الى مئونة البرهنة والاستدلال ، واطالة القوم الكلام فيه لكثرة المخالفين من المتكلمين والفلاسفة الاقدمين ، نعم ان امكن استحالة الجسم عن الطبيعة الجسمية الى غيرها كما يستحيل عن الطبيعة النوعية الى غيرها امكن ان يزول عنه قبوله للانقسام مطلقا ، ولكنه سلب بانتفاء الموضوع ولا نزاع فيه.
قول المصنف : والقسمة بانواعها الخ ـ اعلم ان قسمة الشيء المتكلم اما ان توجب انفصالا فيه أو لا فالاولى هى القسمة الانفكاكية المنقسمة الى القطع الّذي