المسألة الثانية
( فى النفس الناطقة )
قول المصنف : كمال اوّل لجسم طبيعى آلى ذى حياة بالقوة ـ هذا التعريف شامل للنفوس الحيوانية والناطقة ، وقوله : كمال شامل لكل كمال مجردا او ماديا أولا او ثانيا ، وكمال كل شيء هو ما يكون به ذلك الشيء بالفعل وهو اما ان يتحصل به نوعه وحقيقته وهو الكمال الاول ، والكمال الثانى هو ما يتوقف على الاول من الصفات والقوى ، وبقيد الألى خرج صور البسائط وصور المعدنيات وصور المركبات الناقصة فانها وان كانت كمالات لاجسام طبيعية الا انه لا يصدر عنها افعال بالآلات ، وبقيد ذى حياة خرجت النفس النباتية ، والمراد به كون الجسم الطبيعى الألى بحيث يمكن ان يصدر عنه ما يصدر عن الاحياء ، وكثير منهم اخذوا هذا التعريف للنفوس الثلاث وذكروا لدخول النفس النباتية توجيها كالشارح القوشجى ، هذا ما عليه المتقدمون ، واما المتأخرون فاسقطوا قيد ذى حياة بالقوة وفسروا الآلات بالقوى ليعم التعريف جميع النفوس ، راجع شرح المنظومة ، وقوله : بالقوة متعلق بالصدور المقدر اى ذى حياة يصدر عنه الفعل بالقوة اى لا دائما بل قد يصدر وقد لا يصدر ، وهذا القيد لخروج النفس الفلكية اذ صدور الفعل عنه دائمى مستمر ، والاحتياج الى هذا القيد لخروج النفس الفلكية انما هو على القول بان كل فلك تعلقت به نفس واحدة والافلاك الجزئية آلات لافعالها ، واما على القول بان كل فلك كلى او جزئى بل كل جسم سماوى تعلقت به نفس فلا حاجة الى هذا القيد اذ هى خرجت بقيد الألى ، والمصنف اورد هذا التعريف العام ثم شرع فى احكام النفس الناطقة لانها اهم فى المقصد الإلهى ولان النفس الناطقة واجدة لما لغيرها من القوى والافعال وستذكر فى آخر الفصل ، ولذلك خصص الشارح أيضا التعريف بالنفس الناطقة.
تنبيه : قال بعض الاكابر : الاولى ان يقرأ آلى فى التعريف بالرفع ليكون نعتا لكمال لا بالجر ليكون نعتا لجسم لان نسبة الآلة الى الفاعل اولى من نسبتها