واجاب عنه بما حاصله ان الشيء كما لا يكون محلا لامكان حدوث ذاته ولا امكان فساد ذاته لا يكون محلا لامكان حدوث ما هو مباين القوام له ولا محلا لامكان فساده وهذا ظاهر بديهى اذ لو جاز ان يكون الشيء محلا لمباينه فى القوام لكان كل شيء محلا لكل شيء وهو باطل بالضرورة ، بل الشيء انما يكون محلا لامكان حدوث ما هو متعلق القوام به ومحلا لامكان فساده كالاعراض الحالة فى الموضوعات والصور الحالة فى المواد فان البياض مثلا يتقوم بالجسم والصورة المائية مثلا تتقوم بالمادة الجسمية بحيث اذا فسد الجسم فسد البياض والصورة المائية وان كان تحصل الجسم نوعا مخصوصا اى الابيض او الماء انما هو بالبياض والصورة المائية.
والنفس البشرية ليست متعلقة القوام بالبدن فلا يكون البدن محلا لامكان حدوثها ولا لامكان فسادها.
بيان ذلك ان البدن فى تكامله فى الرحم يبلغ حدا يحصل له استعداد فيضان الصورة الانسانية التى يتقوم بها ويتحصل بها نوعا معينا هو الانسان فالبدن يصير انسانا بحلول تلك الصورة فيه فهو محل لامكان حدوثها الا ان تلك الصورة لا تحدث الا بحدوث نفس مجردة مرتبطة بالبدن ارتباط التدبير والاستعمال اذ من المعلوم ان البدن انسان وله صورة انسانية ما دامت النفس مرتبطة به هذا النوع من الارتباط فالبدن محل لامكان حدوث الصورة الانسانية وحدوث هذا الارتباط فهو محل لفسادها وفساده لا لفساد النفس المجردة من حيث هى جوهر مجرد ، وبعبارة اخرى ان البدن محل لإمكان حدوث النفس من حيث هى مبدأ قريب لحدوث الصورة الانسانية لا من حيث هى جوهر مجرد وكذا محل لفسادها من حيث هى مبدأ له فاذا فسدت الصورة الانسانية بفساد البدن وزوال الارتباط لم يلزم فساد ذات المبدأ بل فساد وصف كونه مبدأ لان وجود الشيء يستدعى وجود مبدئه ولكن عدمه لا يستلزم عدمه.
واما كون البدن المستعد شرطا لحدوث النفس فهو حق الا انه ليس كل شرط يلزم من انتفائه انتفاء المشروط كالبيت فانه يبقى بعد موت البناء الّذي كان شرطا